منصات الوعظ العصرية
املــســرح والـسـيـنـمـا أداتـــــان مـهـمـتـان لــلــوعــظ الــعــصــري، استبعدتا فــي الـفـتـرة املـاضـيـة لـسـوء الـفـهـم، كــان بـاإلمـكـان االســتــفــادة منهما إليصال النصح والتوجيه واإلرشاد بشكل متكامل وبصورة جاذبة وأسلوب أخاذ وبطريقة تقنية حديثة، بعيدة كل البعد عن اإلسفاف أو االبتذال أو ما يخالف تعاليم الدين الحنيف. الواعظ التقليدي القديم يتجمع حوله املستمعون في حلقة سواء فــي املــســجــد أو الــبــيــوت أو املــخــيــمــات الـصـيـفـيـة وغــيــر الصيفية، ويلقي عليهم دروســا أو يحكي لهم قصصًا أو يشرح لهم اآليات أو األحاديث، مستخدمًا صوته وتعابير وجهه ولغة الجسد وإشـــــارات الــيــد، فـيـرسـم الــســامــع الــصــور فــي مخيلته، وغالبا ما تكون ناقصة وغير متكاملة، وهذا الدور املفقود تؤديه السينما واملسرح بكفاءة. أنــعــم الــلــه عــلــى الــبــشــريــة بــالــعــلــم فــكــان العلماء املسلمون الــذيــن اكتشفوا الـعـدسـة فاستخدموها لــلــتــلــســكــوب لـــرصـــد الـــنـــجـــوم ونـــبـــغـــوا فــــي الفلك، واخــتــرعــوا الــتــصــويــر، الــــذي تــفــرع مــنــه آلـــة العرض السينمائية، واستفاد منه الغرب والشرق إليصال ثقافاتهم إلى اآلخرين، لكن لألسف رفض البعض االستفادة من هذا االختراع، وإال كنا طوعناه في نشر العلم واملعرفة والدعوة إلى اإلسالم. املسرح الوجه اآلخر لوسائل التثقيف والتوجيه في وجود الكتابة الـجـيـدة والسيناريو واإلخــــراج املتكامل وحـسـن اخـتـيـار املمثلني، وصــالــة املــســرح. بـاملـعـايـيـر الـعـاملـيـة نستطيع مـعـالـجـة الـكـثـيـر من املشاكل االجتماعية والسلبيات وغـيـرهـا، الـتـي يصعب اقتالعها بمجرد الوعظ التقليدي، فاملسرحية تستطيع التوغل في الجوانب الخفية لتلك اآلفات وتتلمسها وتعالجها بأساليب قوية تترك األثر املطلوب. وفي ظل املشاهدة (أونالين) عبر النت لألفالم الغربية وغيرها، يظن البعض أن الوقت تأخر كثيرًا بالنسبة للسعوديني للدخول إلى عالم السينما وهذا تساؤل بريء ولكن السينما صناعة متجددة مثلها مثل أي صناعة، وسنبدأ من حيث انتهى إليه اآلخرون، ولدينا املواد الكثيرة الالزمة سواء التاريخية أو الروائية أو االجتماعية أوالفنية وغيرها، لدينا األرضية الخصبة لإلنتاج السينمائي، ونستطيع من خاللها نشر اإلسالم الوسطي الصحيح وفي كل صاالت العالم وعبر الفضائيات وكذلك «النت» أونالين. الفيلم يعني قولبة الفكرة، الصورة، التصور، الوعظ، التوجيه، الهدف والرسالة في قالب متكامل واضح وشــامــل وسـلـيـم، بـعـد مـراجـعـة الـجـهـات الرقابية والجهات املعنية، عكس مـا يحدث مـع املخيمات الصيفية وغيرها، نتيجة غياب الرقابة والتنقيح قــبــل اإللـــقـــاء وأثــــنــــاءه، مــع ســهــولــة الــعــرض املستمر فـي الـصـاالت املـهـيـأة، مـع املــؤثــرات الضوئية والصوتية والحركية وكأنك تعيش الـواقـع! تستطيع كمشاهد اختيار الوقت واملكان وموضوع الفيلم للمشاهدة في جو آمن بمشاركة مشاهدين آخرين والتفاعل مع أحـداث الفيلم والشعور بتفاعل اآلخرين، مما يترك أثرًا طيبًا في النفس وفق الله ملك الحزم والعزم وولي عهده األمـــني الــلــذيــن أعــــادا األمــــور إلـــى نـصـابـهـا الـصـحـيـح فــي مجاالت الحياة كافة.