عندما يتحول الشريك إلى جالد..

مــا ســأرويــه لكم الــيــوم، ليس بمشهد مــن مسلسل أو فيلم سينمائي، بـل واقــع شاهدته متجسدا أمـامـي عندما كنت فــي أحـــد املـــطـــارات أتــرقــب مــوعــد اإلعــــالن عــن رحــلــتــي، وال أنسى مالمح ذلك الرجل الذي مر من أمامي كالبرق ومعه زوجته، كانت تبدو عليها عالمات الخوف والتوتر، تحاول الـدخـول إلحــدى الـصـاالت املغلقة وكأنها تخشى إعصارًا قادمًا، وبالفعل حدث ذلك، بدأ صوته يعلو ثم انهال عليها بــالــضــرب كــالــجــالد، لــم أســتــوعــب مــا رأيــــت وظــنــنــت أنني أحلم، حالة من الذهول أصابت الجميع، األنظار كالسهام تخترقها وتـمـزقـهـا، لــم يستطع أحــد أن ينبس بكلمة أو يساعدها، لم يستطع أحد أن يحفظ لها كرامتها، ال النساء وال الرجال، وال حتى األطفال دفعتهم طفولتهم وبراءتهم للدفاع عنها وتحريرها من ألم هذا املوقف وألم ما يحدث. استطاعت أن تخلص نفسها وكأنها اعـتـادت على ذلك، وأصبحت تحاول أن تضيع وتختفي بني زحام املسافرين، ولكن الوقت لم يسعفها، فالرحلة على وشك االنطالق بعد دقــائــق، كـانـوا معنا على مـن الـطـائـرة، وال أخفيكم أنها مـن أصعب الساعات التي قضيتها فـي حياتي، سكنني الــخــوف والــغــضــب، اختلطت املـشـاعـر واألســئــلــة بداخلي عــن عجز الـنـسـاء وكـيـف أن بعضهن يستسلمن ويكررن أوجاعهن وال يستطعن أن يدافعن عن أنفسهن، كيف لهن أن يتنازلن عن حقهن في العيش بكرامة؟ أفقت من دوامتي حينما وصلنا ووجدتها ملقاة برأسها املنهك على أحد األعمدة وقدماها خانتاها تنتظر ذلك األحمق أمام سير األمتعة وأنــا أقـف بالقرب منها لم يفصلني عنها شيء، أقف مكبلة األيدي أرتعش أكثر منها، وتلك الضربات التي تلقتها أمام املأل أصابتني وأصابت كل الرجال والنساء الذين كانوا يراقبون املشهد، كـان أملهم ربما أشــد، ألنهم لــم يـسـتـطـيـعـوا أن يـخـلـصـوهـا. ال أعــلــم أي مــبــرر يجعل املــرأة تستمر فـي مثل هـذه املـعـانـاة، فالواقع مهما كانت درجة مرارته فهو أهون بكثير من مرارة العيش مع زوج مختل، ال يملك السيطرة على نفسه. فلها ولغيرها من الـنـسـاء املعنفات أقـــول: أنــت وحــدك الفيصل والـحـكـم في قضيتك ولو تعاطفت الدنيا معك اليوم ستكونني غدًا أنت وأوجـاعـك في طي النسيان، فحياة بكرامة تعيدين رسم خارطتها أو ذل ومهانة وهالك.