اخلطر احلقيقي
ينادي بعض الكتاب واملفكرين بإسكات أصحاب اآلراء املتشددة وحرمانهم مـن النشر والكتابة وسبب ذلـك أنهم ذاقــوا مـن ويالت هــذا الفكر ويـعـرفـون خـطـورتـه على الــنــشء واملـجـتـمـع. والحقيقة أن األفـكـار الظالمية مـن السهل دحضها وكشفها وال خـطـورة في قــيــام هــــؤالء املــتــشــدديــن مــن طـــرح فــكــرهــم وتــوجــهــاتــهــم والكتابة والـنـشـر، لكن الـخـطـورة تكمن عندما يكونون فـي مفاصل الدولة املختلفة من وزارتي التعليم والداخلية أو في الجامعات أو اإلعالم، والــخــطــورة أيــضــًا فــي اســتــخــدام املـسـاجـد وتـوظـيـف املـنـابـر لنشر أفــكــارهــم، والــخــطــورة تـكـمـن عـنـدمـا يـتـكـلـمـون بـصـفـة أنــهــم رجال دين كاإلخوانجية ومن على شاكلتهم وكذلك تكمن الخطورة في التحريض واإلثــارة والصراخ والعويل، وخطورتهم في وجودهم فـي الجامعات واملـــدارس، أمـا فـي غير ذلـك فـال أثـر لهم حيث إنهم غير قـادريـن على مقارعة الحجة بالحجة، فهم فقط يستخدمون مـراكـزهـم ومناصبهم وسلطانهم الــذي يستمدونه مـن وظائفهم في فرض هذه األفكار املتشددة ويلجأون بكل الوسائل للنيل من مخالفيهم، حتى يسكتوهم بالحديد والـنـار واإلفـــزاع والترهيب، وهذه خطورتهم عندما يفرضون الوصاية والوالية على املجتمع ويتكلمون باسم الدين وكأهل علم ال ينازعهم منازع أو أهل قرار وسلطة. الفكر املتشدد ينكشف عند الحوار، فهذا الفكر ليس لديه مـادة أو جوهر حقيقي إنما يعيش على القشور وتوافه األمور مثل األمور الشخصية التي ليست محل أهمية للمجتمع لكنهم يجعلون منها بطريقة أو بأخرى محور حياة املجتمع، بعد أن استطاعوا خالل أكثر من عقد برمجته والسيطرة على مقدراته وتعليمه وغير ذلك. مــازالــوا يـتـبـادلـون األدوار لـكـي يستمر املجتمع تـحـت سطوتهم. بالرغم من أنهم ليس لديهم ما يقدمونه وكـل الكالم املنمق الذي اعتدنا على سماعه ال يساوي شروى نقير أو ال يساوي قيمة الحبر الذي كتب به. فكالمهم ال يصمد للنقد وينهار ويسقط أمام التفنيد والتمحيص. الخوف ليس في أطروحاتهم وما تخطه أقالمهم ولكن الخطورة فــي املـنـاصـب الــتــي يـتـبـؤونـهـا واملــنــابــر الــتــي يستخدمونها وفي وجودهم في مناصب رسمية تسيطر على مفاصل الدولة كالتعليم، وسوف يظلون حجرة عثرة لكل تطور ومانعًا يعيق انفالت وخروج املجتمع من سلطتهم وسطوتهم، والحل في نظري إحالة كل من هم على شاكلتهم في التعليم والجامعات واإلدارات الحكومية والذين يعملون في املحافظات واإلمـــارات ومـن في حكمهم من مسؤولني فهم أخطبوط يجب استئصالهم عن مراكز صنع القرار أو تنفيذه أو أجهزة اإلعــالم الحكومية والرسمية واملحسوبة عليه، وال شك إبعادهم عن املنابر واملناشط الدعوية ومراجعة وإعادة النظر في اآللــيــات الـتـي تحت أيـديـهـم ضـــرورة لكف شـرهـم وإعاقتهم لتقدم املجتمع الذي جعلوا منه مجتمعًا رعويا غير منتج. نعم الكلمة تقارعها وتدحضها الكلمة النيرة ولكن الـخـوف من الــوســائــل األخــــرى الــتــي يستخدمونها ســــواء كــانــت مــن تكفير أو تفسيق أو إسكات بقوة السلطة أو باسم الوصاية على املجتمع أو بالتحريض وإثارة الفنت والكراهية.