Okaz

القطار فوقي

-

تناشبا فوق الرعش، الشيبة دخيل الله، يطلق ليسرحون بالغنم لو ما يبقى منها شعرة، والكهلة مستورة تقسم أغلظ األيمان ما يبدون إال دفان البيت حتى ال يخرخر عـلـيـهـم ويــغــديـ­ـهــم طــيــغــة. فـيـمـا كــانــت الــســمــ­اء تحتشد بالغيوم السوداء، قالت: يا مخلوق خاف الله في عيالك وفـي مرزقك بيسري علينا الـسـاري، قـال «أبجمي برطم على برطم، يعشون الغنم حولنا وحوالينا، والدفان بعد يمدي عليه، ومد يده فوق أنفها قائال: والله ما يعدي إال كالمي يا املخثرد. رفعت رأسها إلى السماء مرددة «اللهم اهد واصلح، وإال خذ وافلح» علق: إهي،إن كانت دعوتك مستجابة اطلبي ما يجي املطر حتى نغلق الدفن. رزم الــراعــد، والحـــت بـــروق املـصـايـي­ـف،وتـقـاطـر السفان بالغنم والـبـهـم واملــاعــ­ز، فانفتحت أبـــواب الـسـمـاء بماء منهمر، وتـتـابـعـ­ت الــعــصــ­ف، وخــالــط املـطـر حـبـات برد، وكلما ضربت في رأس الصغير، صاح: أي، فيقول الكبير: ذقها، وال تلمح فوق. كانوا سعداء باملسراح، كونه أهون عليهم مـن حمل املــدر مـن الـركـيـب فـي حفص الحمارة، وتنزيله تحت الجناح، ثم نقله باملناثل إلى سقف البيت، فبدأوا الغناء (املطر جانا، طل معزانا، وأصبحت ولدت) فيما كانت األم تدعوهم من الخلف يا ظافر، يا سافر، يا شاكر، روحوا، روحوا، الوادي بيعدي. عادوا هم وحاللهم بعد أن أخذ فيهم املطر شفه، وأروى غليله، فطلب األب منهم يخلون الغنم في املسراب حتى تـجـف، وال تــؤذي بهمها، فيما شـبـت األم الــنــار، وبدأت تطلب من كل واحد يقف فوق امللة، وهي تمسك بأطراف الثوب، والداخنة تتصاعد من أسفل إلـى أعلى وتخرج مع فتحة العنق وبها من الـحـرارة ما يدمع العني، ولم تمض دقائق حتى قص األب عدلة التمر، وناداهم تعالوا يا حباني وأعاد عليهم وصية البرد ألوالده عندما قال «جنب عن اللي شبته سمر، وحــاله تمر، وطعامه هبر، وتصيد اللي أكله عصيف، وشبته ليف، وحاله سفيف». اســتــمــ­ر هــطــول املــطــر ســـاعـــا­ت، ودخــــل الــلــيــ­ل، فــبــدأ املاء يتخلل السقف الطيني، وينفذ إلـى داخـل البيت، صفت السيدة مستورة الحالل والقدور والصحون، وبدأ القطار يعزف أحلى أنغام، وفيما ربة البيت تنذر بدخيل الله، صــاح الصغير «يــا بـه الـقـطـار فـوقـي «فـــرد» أرقــد مرقد، يقطر فوقنا كلنا». علمي وسالمتكم.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia