سوق العمل.. بوصلة التعليم
املــؤســســات الـتـعـلـيـمـيـة تـنـتـقـد املــطــالــبــات باالنصياع لرغبات (سوق العمل) في توجيه التعليم نحو تحقيق متطلبات الـسـوق، وتؤكد أنها (تعمل من أجـل «العلم» ولـيـس الــســوق). هــذه الـعـبـارة ستصبح مفهوما قديما خـــــال ســـنـــوات قــلــيــلــة، ألن ســـــوق الــعــمــل ذاتــــــه أصبح لــه مــفــهــوم جــديــد، وهـــو فــي طــريــقــه لـلـتـغـيـر كـلـيـا على مستوى العالم. سوق العمل حاليا هو مصطلح مرادف لـــ(االقــتــصــاد الــعــاملــي). لــم يـعـد املـقـصـود بــه (مهنيون) فــقــط.. لـكـنـه يـعـنـي املــوظــف املــؤهــل حــضــاريــا وثقافيا لـلـعـمـل فـــي بـيـئـة حـــضـــارة الـــقـــرن الـــحـــادي والعشرين. وهـــــذا ســيــطــرح مــشــكــلــة مــتــنــاقــضــة.. إذ ســتــنــشــأ: أزمة وظائف، وفي الوقت نفسه، أزمـة موظفني. بمعنى آخر، مفهوم سوق العمل الجديد لن تلبيه مخرجات التعليم الــتــقــلــيــدي. (الـــوظـــائـــف) هـــي املــعــضــلــة الــتــي ستواجه دول العالم ككل فـي السنوات القليلة الـقـادمـة. فالعالم تـحـول فـي الـقـرن الــحــادي والعشرين نحو تكنولوجيا املعلومات املـتـجـددة، واالســتــدامــة، والــذكــاء الصناعي.. وبالتالي، املوظفون التقليديون سيفقدون وظائفهم.. وربما تتوقف مؤسساتهم. كبرى الشركات العاملية اآلن تصرف ميزانيات عالية على موظفيها ليواكبوا هذا الـتـحـول؛ أوال تعريفهم على بيئة العمل الــجــديــدة، ثم تأهيلهم أو إعادة تأهيلهم وتطوير مهاراتهم ليسايروا. وفي املقابل، كل املؤسسات التعليمية التي ستستمر في اعـتـمـادهـا على مفهوم التعليم التقليدي فــي صناعة اإلنسان، ستخرج عاطلني عن العمل. يـوجـد حـاجـز بــني التعليم وســـوق عـمـل الــقــرن الحادي والعشرين. هذا الحاجز يجب أن يكسر ليندمج مفهوم التعليم مع مفهوم سوق العمل. بالتأكيد هذا ال يعني التخلص مـن القيم واألخـاقـيـات والفضائل فهي جزء مـهـم مــن مـفـهـوم ســوق الــقــرن الــحــادي والــعــشــريــن. لكن التعليم العاملي -ملن يريد البقاء في األجواء الحضاريةيتجه نحو (التعليم املستمر) بآليات جديدة -فالتقليدية تــلــفــظ أنــفــاســهــا األخـــــيـــــرة-. املــســتــقــبــل يــتــطــلــب التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد.. املعلم يتحول من مقدم معلومات إلــى مـشـرف على ترتيب املـعـلـومـات، ومعلم تفكير.. واملؤسسات التعليمية تعمل على صناعة فرد يتعلم مدى الحياة: االبتكار، والجودة العالية في األداء، والقدرة على اتخاذ القرار، ووضع إستراتيجيات ذكية.. مفهوم املؤسسات التعليمية التقليدي سينتهي قريبا.. خال عقد واحد. فمواكبة التحول العاملي نحو حضارة القرن الحادي والعشرين ليست خيارا ولكن إلزام. يجب أن تـسـد املــؤســســات التعليمية الـفـجـوة بــني املخرجات واالحـــتـــيـــاجـــات، وأن تــضــع لــهــا خــطــطــا استراتيجية مستدامة متناسقة مع سوق العمل الجديد.