وصفوه بـ«عمالق الفن» وطالبوا بتكرميه التشكيليون ينعون احلجيالن ويتبرعون ألسرته مبعرض فني
لم تهدأ وسائل التواصل االجتماعي ليلة البارحة من الحراك بعد أن أعلن الفنان التشكيلي مدير صالة أتيليه جدة هشام قنديل رحيل الفنان التشكيلي السعودي فهد الحجيالن، أحــد أهــم التشكيليني السعوديني ورموزه، فيما أعلن الفنان القدير هشام بنجابي إقامة معرض تشكيلي يعود ريعه ألسرة الراحل فهد الحجيالن، الذي وافــتــه املـنـيـة أمـــس األول؛ إثـــر نــوبــة قلبية مـفـاجـئـة لم تمهله باسترداد حقه األدبــي واملــادي ممن ظلمه -على حد تعبيره- في آخر منشوراته على الشبكة العنكبوتية، ويــقــصــد هــنــا ضــيــاع أهــــم أعــمــالــه الــفــنــيــة بــعــد إحدى مشاركاته الرسمية خارج اململكة. وسـارع أغلب الفنانني والفنانات عبر وسائل التواصل االجتماعي إلى التبرع بعدد كبير من اللوحات، على أن يقوم الفنان الرائد هشام بنجابي بعرضها في صالته الــجــديــدة بـمـركـز سلمى فــي جــدة لـيـعـود ريـعـهـا ألسرة الحجيالن. مـــن جــهــة أخــــــرى، تــفــاعــل عــــدد مـــن املــثــقــفــني والكتاب والفنانني والفنانات عبر «عكاظ» مع وفاة الحجيالن، إذ قال رفيق دربه وصديقه املقرب أول من أعلن خبر وفاته هشام قنديل: «يعتبر الفنان فهد الحجيالن عالمة كبيرة من عالمات الفن التشكيلي السعودي، عاش متبتال في محراب الفن، الذي وهبه كل حياته، وكـــان عـمـالقـا فــي فــنــه، مـتـواضـعـا في شخصه، نبيال في أخالقه، بريئا كطفل غـضـوب، ولكنه كــان متسامحا، وكان عــفــويــا تـلـقـائـيـا يــكــره الــتــكــلــف، كانت لوحاته تشي بشفافية روحــه، وكانت تــلــمــح وال تـــصـــرخ، تــعــطــي إشـــــارة ملن هو مثله، شفافا نقيا، وتمتنع لوحاته عــلــى كـــل مـتـكـلـف جـــبـــار، جـمـعـتـنـي به كـل الـصـدف وكــل املــواقــف، وكــان يسكن قلبي وأعــــرف أنــنــي أســكــن قـلـبـه، إذ كتب في عدد من القصائد، كان يودعني عندما أســافــر مـصـر بـقـصـيـدة، ويستقبلني بأخرى، كــان عـاشـقـا ملـصـر ومتيما بـهـا، وكـتـب فيها أجمل قصائده». الــنــاقــد والــفــنــان أحــمــد فـلـمـبـان يــقــول: «عــرفــت الفقيد الكبير قبل أكثر من 30 عاما عبر رسوماته في جريدة الجزيرة، وكنت من املعجبني بها، ملستواها الراقي في الصيغ واملـوضـوعـات والحرفية فـي التنفيذ والتقنية التي تـدل على مستوى رفيع من الفهم والـوعـي الفني، وهــو أحــد األسـمـاء التي كانت تحرص الرئاسة العامة لــرعــايــة الــشــبــاب ووزارة الـثـقـافـة واإلعــــالم عـلـى إشراك أعمالهم في فعالياتها الخارجية؛ ألنها تمثل الواجهة املشرفة واملشرقة للفن التشكيلي السعودي؛ كيف ال وهو أحد طالب معهد التربية الفنية، الذين تعلموا على يد أقطاب الفن العربي (خالد الجادر، وعبدالجبار سلمان، وسلمان شلهوب، وشاكرحسن) فـي زمــن لـم يكن هناك حاالت العبث واالستسهال في الفن كما هو الحال اآلن». الفنانة عال حجازي تقول: «جمعتني سنوات من األلوان مــع الــلــورد فـهـد الـحـجـيـالن، هـكـذا كـنـت ألـقـبـه وأناديه، يــا لــــورد، فــيــرد صــبــاحــك ورد لــيــدي عـــال، لــم يــكــن فهد الحجيالن فنانا عاديا، بل مميز في لوحاته، وقصصه الــتــي يــرويــهــا لــنــا، عـصـفـور الــبــرد، والــشــعــر، الـــذي كان يغرد به صباحا ومساء على «السوشيال ميديا»، وكنت كثيرا ما أشبهه بالفنان فان جوخ، سترته الزيتية التي التصقت به، عصاه، ووجوهه النسائية التي يرسمها، كــل تـلـك الــصــور مــرت فــي ذهـنـي عـنـدمـا صـدمـنـي خبر وفاته، فالرحيل ال ينتظر وداعنا، أحداث كثيرة ربطتنا وفرقتنا، ثـم يصالحنا الفن األصـيـل، بوفاته خسرنا فنانا من أهم الفنانني التشكيليني السعوديني، أتمنى من وزارة الثقافة تكريمه بما يليق بـه، قسوة الدنيا ظاملة، لكن رحمة الله عليه أكبر». الـفـنـانـه ريـــم الــديــنــي لــم تـتـمـالـك نـفـسـهـا، إذ انهمرت دمــوعــهــا أثــنــاء الــحــديــث عــن رحــيــل فـهـد الحجيالن، حيث قالت: «الحجيالن من أصدق الفنانني املوجودين بالساحة التشكيلية السعودية والعربية، له مدرسة وأسلوب خاص يميزه عن غيره، فنان فقدته الساحة، فـــنـــان لـــن يــتــكــرر، إنـــســـان راق جـــــدا، خـــلـــوق، مهذب، اجتمعت فيه صفات من النادر أن تجتمع في شخص واحد». الكاتب والناقد الفني فيصل الخديدي قـال: «الراحل فــنــان شــفــاف عـلـى قـــدر كـبـيـر مــن الـحـسـاسـيـة والرقي والـنـقـاء، عــاش كـل ذلــك فـي لـونـه وحـرفـه وحـيـاتـه، حلم بـنـشـر الــحــب والـــســـالم واألمـــــل، وســعــى لــذلــك دائــمــًا في تعامالته، عانى كثيرًا في عدم وصوله ملا يصبو إليه من سالم، وعانى أكثر من التهميش والجحود واالنتقاص، حــــاول الــتــعــايــش مــع خــيــبــات مجتمعه بـشـتـى الطرق، ولكنه لــم يستطع املــقــاومــة، فـاعـتـزل الـعـالـم، ولـجـأ إلى عامله الخاص، وخلد إلى مرسمه، وسلم الروح لبارئها، وهو بني ألوانه ولوحاته وترك نبضًا من روحه في كل لون وكل عمل». النحات محمد الثقفي قال بنبرة حزن: «فهد الحجيالن اإلنـسـان والفنان صاحب اإلحـسـاس العالي، دخـل الفن بحب وخرج بصمت، رحيله كان صدمة وكانت املعاناة تالحقه حتى آخر لحظة رحمه الله، نطالب وزارة الثقافة واإلعالم بتكريمه تكريما يليق بتاريخه فهو يستحق».