Okaz

حوار للتاريخ: من األمير إلى من يراه..!

- هاني الظاهري * @Hani_DH gm@mem-sa.com

بــات مــن الــواضــح أن كــل حـــوار جـديـد لسمو ولــي العهد األمــيــر محمد بن سلمان في الصحافة الغربية ال يمكن أن يمر دون أن يضرب أعداء السعودية في العمق، ويشغل الساعات الـطـوال من النقاش والتحليل والتحريف أيضا في نشرات أخبارهم، ليس هذا فحسب بل إن تصريحات سموه تنزل كالسياط على ظهور أعداء الداخل من الظالميني والفاسدين الذين يفزعهم ضياء رؤية ،2030 ويحاولون إخفاء مواقفهم الحقيقية منها والتلون بكل لون بهدف عبور عنق الزجاجة بأقل الخسائر املمكنة، مع االحتفاظ بآمالهم في فشل التحول الوطني وعودة األمور إلى ما كانت عليه، وهذا بالطبع «حلم إبليس بالجنة». ميزة تصريحات األمير أنها واضحة ومباشرة وفي منتهى الصدق واإلقناع؛ ألنها تحترم العقل وتستخدم املنطق ومعطيات الواقع في تفسير كل إجراء أو خطوة جديدة، وال تركن إلى النظريات املفتوحة واللغة املواربة، وهذا أمر صعب ملن لم يعتد عليه، فال يوجد للسياسة السعودية اليوم وجهان، وجه للداخل وآخر للخارج كما هو حال كثير من الدول.. هو وجه واحد ناصع البياض لسياسة شجاعة، محور اهتمامها املصلحة الوطنية ومستقبل الدولة وشعبها، وقد تجلى ذلك بشكل كبير في اللقاء الذي أجراه مع سموه الصحفي الشهير «جيفري غولدبيرغ» ونشرته «ذي اتالنتيك» األمريكية أمس األول، إذ تناولت إجابات األمير آراءه وتوجهات الدولة في قضايا متعددة منها ما هو متعلق بالسياسة الخارجية، ومنها ما يكشف الستار عن مالمح خطوات القيادة لعالج بعض القضايا الداخلية التي تمس حياة املواطنني بشكل مباشر. في وسـط اللقاء املثير الــذي ال يمكنني بالطبع تناول كل جزئياته في هـذه املساحة حاول «غولدبيرغ» بدهاء أن يحرج األمير بتوجيه سؤال عن شكل اتهام حول الحرب في اليمن، فجاء رد األمير عظيما وبأسلوب فلسفي يفهمه ويحبه املتابع الغربي.. ذلك األسلوب الذي يشبه إلى حد كبير النقاشات الفلسفية على ألسن أبطال األعمال األدبية والسينما اإلبداعية؛ إذ قال باختصار: «فـي بعض األحـيـان في الشرق األوســط ال يكون لديك قــرارات جيدة وقـــرارات سيئة.. في بعض األحيان يكون لديك قرارات سيئة وقرارات أسوأ.. في بعض األحيان يتعني علينا اختيار الخيار السيئ.. نحن ال نريد املجيء إلى هنا، بصفتنا اململكة العربية السعودية، لتطرح علينا هذه األسئلة.. نريد أن تطرح علينا أسئلة عن االقتصاد وعن شراكاتنا وعن االستثمار في أمريكا، والتنمية في اململكة العربية السعودية.. نحن ال نريد أن نقضي حياتنا في النقاش حول اليمن.. هنا ال يتعلق األمر بمسألة االختيار. بل يتعلق بمسألة األمن والحياة بالنسبة لنا». كـان يمكن لألمير أن يجيب عن الـسـؤال بعبارة واحــدة من 4 كلمات هي «اضطررنا لـلـحـرب حـمـايـة ألمــنــنـ­ـا»، لكنه فـضـل أن يجيب بــهــذا األســلــو­ب؛ ألنــه يفهم شخصية محاوره ويفهم نفسية الجمهور الـذي سيقرأ اإلجابة، ويعرف جيدا كيف يخاطبهم بشكل يضع الحقيقة كما هي على الطاولة، ويدفعهم لرفع القبعة احترامًا، فيما يسبب املزيد من الجلطات ألعداء السعودية في كل مكان.

* كاتب وإعالمي سعودي

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia