Okaz

حوار وراء «األطلنطي»!

-

جميع حــوارات األمير محمد بن سلمان ســواء وراء األبــواب املغلقة أو املفتوحة، الخاصة منها واإلعالمية، تتسم بنفس درجة الصراحة والـشـفـاف­ـيـة، هــو أول مــســؤول أجـــده يتحدث بــال أقنعة وال مناورة، يقطع طريقه نحو الجواب ربما أقصر مما اتخذه السائل! وفي حواره مع مجلة ‪The Atlantic‬ األمريكية لم يضع األمير النقاط على الـحـروف حـول العديد من املسائل الخاصة باململكة واملنطقة والعالم، بل ربما وضع الحروف أسفل النقاط، فعبر عن رأي صريح وشـفـاف بكل مـا يخص رؤيــة اململكة وموقفها مـن جميع القضايا الداخلية والخارجية، داخليا لم يرسم صـورة املستقبل الـذي يحلم بـه للسعودية والـسـعـود­يـن، بـل عــرض صــورة التغيير الــذي تحرك قطاره بسرعة لم يستوعبها حتى الغرب نفسه الـذي ظل عقودا من الزمن يحث دول املنطقة على صناعة التغيير، هذه املرة جاء التغيير نـابـعـًا مــن الــداخــل وبـرغـبـة ســعــوديـ­ـة، وتــجــاوز كــل تـوقـعـات العالم، ولكنه تغيير يتسق مع الهوية والقيم السعودية، منبها إلى أن القيم تختلف بن املجتمعات وداخـل املجتمعات نفسها ضاربا املثل بأن الواليات األمريكية نفسها ال تتشارك نفس القيم بنسبة ٠٠١٪! كــان صريحا جــدا فـي حديثه عـن وهــم مصطلح «الـوهـابـي­ـة»، وعن تأثير الجهادية السياسية املنحرفة على اململكة والعالم اإلسالمي، وحـالـة الظالمية التي خلقتها، وذكــر بمسؤولية الـغـرب فـي تهيئة مـنـاخـهـا وري جــذورهــا لتوظيفها فــي حــربــه الـــبـــا­ردة مــع االتحاد السوفيتي، وهزيمته فـي أفغانستان، فهم ليسوا أبـريـاء تماما من مشاركة املسؤولية في خلق حالتها وجني أشواكها! تحدث سموه بواقعية عـن صـراعـات منطقة الـشـرق األوســط وأشار بإصبعه إلى بيت الداء، ووصف الدواء، فالقضية الفلسطينية تحتاج إلـى حـل عــادل يزيل أسـبـاب الـصـراع، واملخلب اإليـرانـي بحاجة إلى تقليم يعيده إلى واقعية حجمه ومشاركة جيرانه طموحات وشراكات التنمية والبناء، وليس مد النفوذ وفرض الهيمنة، ولعل أبرز ما جاء في حديثه تحديد هوية مثلث الشر الذي يمثل اليوم التهديد األول للسلم ليس في منطقة الشرق األوسط وحسب بل والعالم أجمع! في اليمن الحرب لم تكن خيارا، بل فرضت فرضا، وقد أحسن سموه التذكير بأن أزمة اليمن لم تبدأ مع تدخل دول التحالف العربي عام ٥١٠٢م، بــل مــع انـقـضـاض امليليشيات الـحـوثـيـ­ة عـلـى السلطة عام ٤١٠٢م وانكشاف املشروع اإليراني في اليمن، مؤكدا أن اململكة هي أكبر الدول املانحة للمساعدات لليمن طوال تاريخه! الحديث طويل وال يمكن اختصار قراءته في مقال قصير، لكنه وإن خاطب متلقيا خارجيا إال أنه بعث برسالة اطمئنان وثقة للمتلقي الداخلي بأن خيارات بالده صحيحة!

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia