وإنا على آثارهم !
قال له صاحبه وهو يحاوره: منذ أن أصبت بمرض السكري وبــــدأت اســتــخــدام األدويــــة الــتــي تـنـظـم الـسـكـر فــي الـــدم من أقراص وأنسولني إضافة إلى نظام غذائي مناسب للمرض وأصـحـابـه فإنه ال تمر أيــام إال وأجــد مـن ينصحني بترك العالج الطبي واللجوء إلى العالج العشبي، وأن فالنًا جرب بـعـض األوراق واألعـــشـــاب فـانـقـطـع عـنـه املـــرض وكــأنــه لم يكن، فهذا الناصح يؤكد أن أخذ أوراق من شجرة «النيم» الـشـديـدة املــــرارة وغليها لساعة ثــم شــرب مائها كـأسـًا في الصباح وآخـر في املساء كفيل بالقضاء على السكر، وذاك يؤكد أن ورق شجر «الحرمل» األشد مرارة وسمية له نتائج أفضل سواء شرب بعد غليه أم جفف ودق وأخذ ناعمًا مع كأس من املاء، وثالث يقدم قائمة بعدد من أنواع األعشاب املجففة لطحنها ثم استخدامها دواء للمرض الـذي تقول عنه منظمة الصحة العاملية إنه القاتل األول في العالم ملا يسببه من مضاعفات خطيرة على صحة اإلنسان قد تجعل جسده كالرميم. وملا سأله صاحبه عما إذا كان جرب أيًا من النصائح التي سمعها أكد له أنه ال يبيع عقله لغيره وأن مراكز أبحاث الطب فـي العالم تعكف منذ عـشـرات السنوات مـن أجـل الوصول إلى عالج ملرض السكري دون أن تتوصل حتى تاريخه إلى عـالج ناجع، فكيف يأتي من أطباء العالم الثالث املريض سياسيًا وعلميًا وفكريًا واقتصاديًا وصحيًا من يزعم أنه سبق «العاملني» إلى اكتشاف عالج «للسكري»، ناهيك «عن أدعياء الطب الشعبي الذين ال تبرأ بهم الذمة، وأنه سبق له قراءة تحذيرات الستشاريني من أطباء الباطنية والسكري بأن تعاطي عصارة أوراق أو حبوب أو ثمار شديدة املرارة أو ذات سمية عالية له تأثير خطير على الكبد والكلى، وقد يــؤدي إلـى الـوفـاة، فكأن الـهـارب من مـرض السكري التارك للعالج الطبي إلى العالج العشبي كاملستجير من الرمضاء بالنار! ودار بـيـنـي وبـــني أصــدقــاء حـــول الـتـأثـيـر الـسـلـبـي لتناول «الـعـشـبـيـات» دون وجـــود مــا يــؤكــد عـــدم حــصــول مخاطر مـن تناولها أو أن لها نفعًا يفوق ضـررهـا، فكان الجواب أن اآلباء واألجداد عاشوا قرونًا وعقودًا يتداوون بها، وإنا على آثارهم ملقتدون!؟
* كاتب سعودي