«فاهمني املنصب غلط»

ال مــانــع أن تستهل الــيــوم األول الســتــامــك املـنـصـب بتغيير ثوبك وشماغك وتشتري مشلحًا جديدًا وربما سيارة فخمة (تواجه)، فهذا شـأنـك الشخصي ومــن حقك بــأن تغير مـن مـظـهـرك، لكن املنصب ال يبيح لك أن تغير جوهرك فتغير من تعاملك مع الناس وتتعالى على من أوكـل لك خدمتهم ووليت زمـام أمـورهـم، خاصة أن أول تصريح لـك بـالـثـوب الـجـديـد والـشـمـاغ الـطـويـل و(الـبـشـت) الثمني تـؤكـد فيه أن املنصب تكليف ال تـشـريـف!، حسنًا تغير على الـنـاس كمكلف ال مشرف!. أمـــر الـتـغـيـر بـعـد تــولــي مـنـصـب رفــيــع ومــســؤولــيــة عـلـيـا يــعــود (في ظني) لحجم الثقة في النفس، بل ودرجـة استحقاق املنصب أصا، وقـد مررنا بنماذج وطنية زادهــا منصب التكليف الرفيع قربًا من الناس وتواصا معهم واحترامًا لشيخهم وتوددًا لصغيرهم (الحظ أنني ال أستخدم قط كلمة تواضع، ألنني أرى الناس سواسية في أمر إنسانيتهم فا يجوز عندي أن أقــول تواضع فـان لفان، أو إنسان متواضع)، والنماذج الوطنية التي زادهــا املنصب قربًا من الناس وتـــواصـــا مـعـهـم كـثـيـرة ولــلــه الــحــمــد، ولــيــس املــجــال هـنـا لسردهم والحديث عن مواقفهم. ما أنا بصدد الحديث عنه، بعض أولئك الذين ما إن يتولى مسؤولية حتى يتعالى على الناس وتنقلب شخصيته من حمامة إلى طاووس (لم أقل من صقر إلى طاووس ألنه لو كان صقرًا ما تغير)، فيتغير في تعامله مع املراجعني وأصحاب الحاجات ويتغير حتى على أصدقائه وسكان حيه وجماعة املسجد وربما تغير تعامله مع زوجته!. يهمني تغيره على املراجعني وأصحاب الحاجات وعاقته العملية في القيام بمهماته، فتجده ينهر هـذا ويرفض مقابلة هـذا ويطرد ذاك، وال يناقش صاحب املشكلة مباشرة بل يعتمد على مدير مكتبه وسكرتيره في فهم قضية املراجع والحكم عليها، وكأن مؤهاته هو في فهم قضايا اآلخرين وإيجاد الحلول ملشاكلهم لم تكن ذات قيمة أصا!. تبلغ حـالـة جـنـون العظمة بــه، رغــم قلة خبرته، أن ال يقبل رأيــًا من زمـيـل خبير، وال يقبل نقاشًا ويــرى أن (ســم) و(الــشــور شـــورك) هي املشورة املثلى من املتخصص والخبير، ال يتواصل مع زماء العمل إال عن طريق مدير مكتبه، وال يتصل بزمائه، حتى هاتفيًا، إال عن طريق السكرتير (أطـلـب لـي فــان)، ومــن أطــرف مـا عايشت أن نائبًا لرئيس قطاع صغير يطلب زميا من قطاع آخر أكبر منه سنًا وأكثر خبرة الجتماع (تشاوري) عاجل بواسطة السكرتير الذي حني سأله املدعو عن موضوع االجتماع قــال: (ال أعـلـم)، وعندما عاتب املدعو النائب على دعوته الجتماع ال يعرف هدفه، رد لم أخبر السكرتير ألن األمــر ســـّري!، املـدعـو ترفع حتى عـن أن يقول لـه (ســـّري؟! ملــاذا لم تتصل بنفسك؟!). نصيحتي للمعني في منصب جديد رفيع: غير في املنصب ال تجعله يغيرك!.