«خالص» يا ماجد !
بتلك الصرخات املريعة املفزعة التي تزلزل ظـالم الشوارع وضمير من حمل الجهاز وصـور تلك اللحظات التي هزت املجتمع أليام ما بن هالع وجازع وما بن مصدق ومكذب، ومـــا بــن صـــوت اإلعــالمــي عـلـي الـعـلـيـانـي ومـنـافـحـتـه وما بن ضمير املحامي عبدالرحمن الالحم ووقفاته الوطنية، وعــبــارتــه الــتــي يـنـبـغـي أن تــــدون ألطــفــالــهــا عــنــدمــا قـــال له املوظف «من أنت حتى تسألني، ليجيب بصوتنا: أنا مواطن من حقي أن أسال وأنت موظف حكومي من حقك أن تجيب ثــم اســـتـــدرك، وقــــال بــل واجــــب عـلـيـك أن تــجــيــب!» صرخات املعنفة هزت املكان والجدران. بــدايــة عـلـيـنـا أن نــقــف دقــيــقــة صــمــت عــلــى قــلــب كــل معنف ومـظـلـوم خـلـف األســــوار ثــم نبتهل ونـشـكـر الـلـه عـلـى نعمه ونــعــمــة الـتـقـنـيـة الــتــي لـعـلـهـا تــســرع مـــن عـمـلـيـة التشافي املجتمعي، على رغم كل الجهود التي نراها من حولنا، فما زالت قضايا التعنيف مستمرة. بل أكاد أجزم أن حاالت التعنيف متواجدة منذ القدم، لكن هذا ما يحدث عندما يعلم املجرم أن جرمه يغطى بعباءة التعنيف! مــا زال بـعـض الــخــطــاب املـجـتـمـعـي اإلقــصــائــي يـعـبـث بنا، ويـلـقـي بـنـا مــجــددًا خـــارج نــطــاق التحضر والـتـمـكـن، وما صرخة تلك السيدة «خالص يا ماجد» إال داللة على ذلك. هـنـاك وجــوب للمعالجة لغويًا قبل كـل شــيء، فتلك الفتاة املـغـلـوب عـلـى أمــرهــا الـتـي القــت مــن الـــروع مــا القــت اكتفت بقول «خالص»، لم تقل توقف! تمعنوا ذلك جيدًا. ملاذا لم تقل له «من أنت حتى تضربني»، املسؤول الذي برر لنفسه لم يسعف الفتاة لتحمي نفسها من هذا العنف. لغة النساء تحتاج إلى معالجة مجتمعية واسعة النطاق، كيف يصفن أنفسهن وكيف ينصفن ذواتهن؟، وكيف يجدن املفردات املالئمة لتلك املواقف املرعبة، فالخوف كل الخوف عندما تــردد املــرأة عـن نفسها «املــرأة عــدوة املـــرأة». املــرأة ال تصلح للقيادة. «املــــرأة عـاطـفـيـة»، وغـيـر تـلـك مــن الـتـهـم «التشنيعية» على النساء، ما جعلهن يخضعن لهذا الخطاب الذكوري «السام» الــذي يوظفهن فـي مـعـارك بائسة تجعلها تقطع عالقاتها بصديقاتها وبعض أهلها فقط ليرضى عنها «سي السيد» وأعــنــي هـنـا الــذكــوريــة الــســامــة، وهــي مبحث علمي جدير بالتناول والتشريح من قبل الجامعات ومراكز البحوث. «الذكورية السامة» هي من جعل عبارات بغيضة مثل «خلك رجـال ال تبكي كأنك مـرة، وبـدل الحرمة ألـف» تسمم ذهنية الـرجـل قبل أن تسمم املـــرأة التعيسة بــجــواره، فـهـذا الرجل يـتـحـول إلــى «غـــول كــاســر» ليحقق نتيجة تـلـك الخطابات ويقتنع بتلك الــتــرهــات، إنـهـا برمجة مجتمعية علينا أن نوقفها عند حدها بقوة القانون، ومساندة مبادرة «محامون ضد التعنيف» التي أطلقها املحامي والكاتب الالحم. ولــكــن بــقــي دورنــــا نــحــن كـمـجـتـمـع وجــامــعــات وشخوص املساهمة في املعالجة. علينا أن ال نصمت عن هذا العنف وأول خطوة أن نسميه بــاســمــه الـصـحـيـح ودالالتـــــه ومــســبــبــاتــه. الـتـعـنـيـف، إجرام ولنتذكر قوله صلى الله عليه وسلم «كل املسلم على املسلم حرام دمه وماله وعرضه».