Okaz

«خالص» يا ماجد !

-

بتلك الصرخات املريعة املفزعة التي تزلزل ظـالم الشوارع وضمير من حمل الجهاز وصـور تلك اللحظات التي هزت املجتمع أليام ما بن هالع وجازع وما بن مصدق ومكذب، ومـــا بــن صـــوت اإلعــالمـ­ـي عـلـي الـعـلـيـا­نـي ومـنـافـحـ­تـه وما بن ضمير املحامي عبدالرحمن الالحم ووقفاته الوطنية، وعــبــارت­ــه الــتــي يـنـبـغـي أن تــــدون ألطــفــال­ــهــا عــنــدمــ­ا قـــال له املوظف «من أنت حتى تسألني، ليجيب بصوتنا: أنا مواطن من حقي أن أسال وأنت موظف حكومي من حقك أن تجيب ثــم اســـتـــد­رك، وقــــال بــل واجــــب عـلـيـك أن تــجــيــب!» صرخات املعنفة هزت املكان والجدران. بــدايــة عـلـيـنـا أن نــقــف دقــيــقــ­ة صــمــت عــلــى قــلــب كــل معنف ومـظـلـوم خـلـف األســــوا­ر ثــم نبتهل ونـشـكـر الـلـه عـلـى نعمه ونــعــمــ­ة الـتـقـنـي­ـة الــتــي لـعـلـهـا تــســرع مـــن عـمـلـيـة التشافي املجتمعي، على رغم كل الجهود التي نراها من حولنا، فما زالت قضايا التعنيف مستمرة. بل أكاد أجزم أن حاالت التعنيف متواجدة منذ القدم، لكن هذا ما يحدث عندما يعلم املجرم أن جرمه يغطى بعباءة التعنيف! مــا زال بـعـض الــخــطــ­اب املـجـتـمـ­عـي اإلقــصــا­ئــي يـعـبـث بنا، ويـلـقـي بـنـا مــجــددًا خـــارج نــطــاق التحضر والـتـمـكـ­ن، وما صرخة تلك السيدة «خالص يا ماجد» إال داللة على ذلك. هـنـاك وجــوب للمعالجة لغويًا قبل كـل شــيء، فتلك الفتاة املـغـلـوب عـلـى أمــرهــا الـتـي القــت مــن الـــروع مــا القــت اكتفت بقول «خالص»، لم تقل توقف! تمعنوا ذلك جيدًا. ملاذا لم تقل له «من أنت حتى تضربني»، املسؤول الذي برر لنفسه لم يسعف الفتاة لتحمي نفسها من هذا العنف. لغة النساء تحتاج إلى معالجة مجتمعية واسعة النطاق، كيف يصفن أنفسهن وكيف ينصفن ذواتهن؟، وكيف يجدن املفردات املالئمة لتلك املواقف املرعبة، فالخوف كل الخوف عندما تــردد املــرأة عـن نفسها «املــرأة عــدوة املـــرأة». املــرأة ال تصلح للقيادة. «املــــرأة عـاطـفـيـة»، وغـيـر تـلـك مــن الـتـهـم «التشنيعية» على النساء، ما جعلهن يخضعن لهذا الخطاب الذكوري «السام» الــذي يوظفهن فـي مـعـارك بائسة تجعلها تقطع عالقاتها بصديقاتها وبعض أهلها فقط ليرضى عنها «سي السيد» وأعــنــي هـنـا الــذكــور­يــة الــســامـ­ـة، وهــي مبحث علمي جدير بالتناول والتشريح من قبل الجامعات ومراكز البحوث. «الذكورية السامة» هي من جعل عبارات بغيضة مثل «خلك رجـال ال تبكي كأنك مـرة، وبـدل الحرمة ألـف» تسمم ذهنية الـرجـل قبل أن تسمم املـــرأة التعيسة بــجــواره، فـهـذا الرجل يـتـحـول إلــى «غـــول كــاســر» ليحقق نتيجة تـلـك الخطابات ويقتنع بتلك الــتــرهـ­ـات، إنـهـا برمجة مجتمعية علينا أن نوقفها عند حدها بقوة القانون، ومساندة مبادرة «محامون ضد التعنيف» التي أطلقها املحامي والكاتب الالحم. ولــكــن بــقــي دورنــــا نــحــن كـمـجـتـمـ­ع وجــامــعـ­ـات وشخوص املساهمة في املعالجة. علينا أن ال نصمت عن هذا العنف وأول خطوة أن نسميه بــاســمــ­ه الـصـحـيـح ودالالتـــ­ــه ومــســبــ­بــاتــه. الـتـعـنـي­ـف، إجرام ولنتذكر قوله صلى الله عليه وسلم «كل املسلم على املسلم حرام دمه وماله وعرضه».

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia