Okaz

السعودية.. وذروة الطلب على النفط

-

لم أفاجأ بتفاصيل ما ذكره األمير محمد بـــن ســلــمــا­ن فـــي حــديــثــ­ه ملـجـلــة «التايم» األمــريــ­كــيــة فـــي الــتــاسـ­ـع والــعــشـ­ـريــن من مــارس ،)2018( حــول مستقبل الـنـفـط، وتـأكـيـده بأن أهـــم الــتــحــ­ديــات الــتــي تــواجــهـ­ـهــا ســـوق الـنـفـط تتمثل فـي الـسـرعـة الـتـي نقترب بها مـن الــوصــول إلــى ذروة الطلب عليه. وهي الحقيقة التي لم يجرؤ أي مسؤول ســـعـــود­ي عــلــى االعــــتـ­ـــراف بـــهـــا، بـــل وإنـــكـــ­ار بعضهم احتمال وصولنا إلى هذه الذروة، وذهب إلى أن العالم سينتظر آخر برميل نفط سعودي ننتجه قبل نضوبه لـديـنـا طـبـيـعـيـ­ا، مـتـجـاهـل­ـن كــل الــتــطــ­ورات السريعة واملتالحقة عامليا لتقليص اعتماد العالم على النفط، وهي تطورات خطط لها منذ الحظر النفطي العربي الذي قاده املغفور له امللك فيصل بن عبدالعزيز. وقد حمدت الله أن تأكيدات وجود تحديات تواجهها ســوق النفط جــاءت على لسان قائد الـرؤيـة ،)2030( وذلـك يعني أنـه لم ولـن يتأثر بما يقال وبما يطرحه بعض كتابنا من سيناريوهات متفائلة وطمأنة غير واقــعــيـ­ـة بــمــا ســيــكــو­ن عـلـيـه مستقبل الــنــفــ­ط العاملي. وتـأكـدت أن التنوع االقـتـصـا­دي ململكتنا لـن يهدأ أو يتراخى بـل سنظل مـاضـن فـي العمل على تحقيقه، طال عمر النفط االقتصادي، أو لم يطل. وبن حديثه ملجلة «التايم»، استقاللية الرأي السعودي بأن أشار إلى أنها تقديرات شركة أرامكو، ولم يستند إلى وكالة الطاقة الدولية املعروف عنها عملها على خدمة أجندتها السياسية غير املعلنة، والتي ال يمكن الوثوق بها في معظم األحيان. أمــــا اإلشــــــ­ـارة فـــي الــحــديـ­ـث إلــــى أن عــقــد الثالثينات امليالدية القادمة – أي بعد أكثر بقليل من 10 سنوات - سيصل الطلب العاملي على النفط إلى ذروته، ويبدأ بـعـدهـا فــي الــتــراج­ــع الـتـدريـج­ـي إلــى مـسـتـويـا­ت 100 مليون برميل يوميا، ثم إلـى مستوى الثمانن (م ب ي)، ويتلوه مستوى السبعن (م ب ي)، فإنه يتسق مع كثير من الدراسات في هذا املجال. وإذا ما أضفنا إلى ذلك الوضع املتوقع تغيرات جانب العرض العاملي من النفط والتي لم يتم التطرق إليها في حــوار «التايم»، ســواء التقليدي منه أو الصخري - فــهــي ســتــشــه­ــد زيـــــــا­دات كــبــيــر­ة نــتــيــج­ــة للتطورات التكنولوجي­ة، واالكـتـشـ­افـات الـجـديـدة التي ضاعفت مـن حجم االحتياطيا­ت العاملية مـن النفط إلــى أكثر مــن تـريـلـيـو­نـي بـرمـيـل -، فـــإن أســعــار الـنـفـط ستشهد انــخــفــ­اضــا تــدريــجـ­ـيــا نـتـيـجـة ضــعــف الــطــلــ­ب وزيــــادة املعروض النفطي. أمــا اإلشـــارة إلــى التغيرات الهيكلية التي ستشهدها سوق النفط العاملية، ودلل على ذلك باختراق السيارات الكهربائية أسواق النقل العاملية، ودورها في التأثير على الطلب العاملي على وقــود الـسـيـارا­ت فهي نقطة مهمة ولكنها ليست الـوحـيـدة الـتـي تــحــاول زحزحة النفط من عرشه والتي تتفاعل يوما بعد يوم. فهنالك الــعــديـ­ـد مـــن األمــثــل­ــة املــشــار­كــة فــي ذلـــك والــتــي يمكن تلخيصها من خالل النقاط التالية: أوال: فـي معظم دول العالم لـم تعد توجد أي وسائل للنقل العام تعتمد على استخدام وقود النفط بأنواعه؛ فقد اتجهت إلــى استخدام الكهرباء والـغـاز والوقود الحيوي. وحتى إنتاج الكهرباء لم يعد يعتمد على استخدام النفط، بل معتمده على مصادر أخرى مثل الطاقة النووية والغاز الطبيعي والطاقة املتجددة. ثانيا: تتجه حملة حماية املناخ من خالل األمم املتحدة إلـى العمل على أن تتبنى الــدول مقاييس وإجراءات قــاســيــ­ة لــتــســر­يــع الــتــحــ­ول إلــــى مـــا يــســمــى بـ«الطاقة النظيفة». وحتى حينما تبنت الدول النفطية تطوير تقنية استخالص الكربون من النفط تمت مهاجمتها بحجة أن ذلـك يعرقل تطوير الطاقة املتجددة، وهي حجة واهية. ثـــالـــث­ـــا: أطــلــقــ­ت بــعــض الـــــــد­ول الــصــنــ­اعــيــة مـــا عــــــرف بـ«مقاييس كـفـاءة املـركـبـا­ت» وبـذلـك أجـبـرت صناعة السيارة على زيـادة كفاءة االستخدام وزيــادة األميال التي تقطعها املركبة لكل جـالـون مـن البنزين، حتى وصــلــت إلـــى نـحـو 60 مــيــال لـلـجـالـو­ن الـــواحــ­ـد، وهي ماضية في زيادة ذلك. رابعا: ديناميكية التطورات التكنولوجي­ة، غير ثابتة وال ندري ما الجديد الذي ستواجهنا به في السنوات القادمة. وكما أهملنا عامل هذه الديناميكي­ة بالنسبة للنفط الصخري بركوننا إلى كونه مرتفع التكاليف ثم فوجئنا باالنخفاض املخيف في تكاليف إنتاجه مـن 80 دوالرا للبرميل إلــى أقــل مـن 30 دوالرا، وهي آخذة في مزيد من االنخفاض. وختاما، شعرنا جميعا بارتياح إلدراك القيادة لدينا بما يحيط بالنفط من أخطار قادمة، واطالعها على مختلف الـتـطـورا­ت االقـتـصـا­ديـة والفنية، وأن النفط وإن استمر العالم في استخدامه، فإن ذلك سيتركز في بعض الصناعات، بعد استثنائه من معظم القطاعات التي تسيدها طوال العقود املاضية. وفوق كل ذلك فال شــيء يقاس بحجم االستهالك العاملي مـن النفط في قطاع السيارات وقطاع النقل بشكل عام.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia