مع حمد جرب !
فـي صغري وحيث درســت، كــان أول مـا يتعلمه الطفل في املدرسة: «مع حمد قلم»، وفي بعض مدارس مكة املكرمة قد تكون اليوم: «مع حمد جرب» ! املــوضــوع ال يحتمل الـسـخـريـة، لـكـنـه بـالـفـعـل يـبـعـث على سخرية حزينة، فـأن يكون حديث العالم ووسـائـل إعالمه عـــن املــســتــقــبــل الـــواعـــد الـــــذي يـصـنـعـه ولــــي الــعــهــد الشاب لبالده، بينما يكون حديثنا في الداخل ووسائل إعالمنا عــن انـتـشـار الــجــرب فــي بـعـض مـــدارس مـكـة املــكــرمــة، فهذا أمــر مـؤلـم، ويعكس حقيقة أن مـا يصنع عـثـرات خطواتنا ويشوه صورتنا ويشغل أفكارنا، ليس بالضرورة خارجًا عن إرادتنا، بل هو أحيانا من صنع قـرار متسرع وخاطئ هنا، أو إهمال وتقاعس هناك ! ورغـــم شـكـوى وزارة التعليم مــن قـسـوة حملة االنتقادات التي تعرضت لها في هذا املوضوع، إال أنه ال يمكن إنكار مسؤوليتها وإدارتــهــا املحلية عــن عملية الـتـكـدس وضم الطالب التي تمت دون تحرز لنتائجها ! والحقيقة الـتـي تـزيـد طــن املشكلة بـلـة، أن هــذا املـــرض لم ينبت فـي حديقة املــدرســة، بـل نقل إليها بواسطة الطالب الــذيــن تــم ضمهم مــن أحــيــاء مــحــددة، أي أنــه مـتـواجـد في أحـــيـــاء ومـــنـــازل يـفـتـقـر ســكــانــهــا لــلــوعــي الــصــحــي وربما الرعاية الصحية، وهذا غير مقبول، فإذا كنا ال نعذر على غياب الرعاية الصحية، فإننا ال نعذر أيضا من يهملون في طلبها بسبب االفتقار للوعي الصحي، والدولة مسؤولة عن الصحة العامة، وتنتهي حرية اإلنسان في إهمال طلب الرعاية الصحية حيث يبدأ تأثير أمراضه على بقية أفراد املجتمع ! لقد كنا في غنى عن هذه األزمة لو أن اإلجراء ات االحترازية للوقاية الصحية وفحص الطالب قد اتخذت قبل نقلهم إلى مدارسهم الجديدة، وهذا أمر ال يحتاج لقرار مسؤول بقدر ما يحتاج إلى تفكير مسؤول !