نحو دبلوماسية سعودية أكثر جرأة !
مـــن نــافــلــة الـــقـــول أن الــســعــوديــة تــعــيــش مرحلة جــديــدة ومـخـتـلـفـة، وأنــهــا تـخـلـع عــبــاءة التشدد والتقوقع والخصوصية لتكون وبكل ثقة جزءا مــن املـجـتـمـع الـــدولـــي بــكــل جـــــدارة وتــفــاعــل فــي كــافــة املجاالت واألصعدة. ويبدو جليا هذا األمـر وهـذا التوجه في الكثير من الـسـيـاسـات والـتـشـريـعـات املـسـنـة واملـقـدمـة فــي الـفـتـرة األخيرة. ويزكي هذا األمر بقوة الحراك السياسي املهم واملؤثر ألحاديث ولــي العهد فـي وسـائـل اإلعـــام العاملية املختلفة وفــي لقاءاته املـتـنـوعـة خــال جــوالتــه املـكـوكـيـة والــتــي عـــادة مــا تـتـرك أثـــرا ال يمكن إغفاله في ذهنيات من يحاورهم ويلقاهم. هذا االنطباع اإليجابي ذخيرة عظيمة يجب حسن استثمارها واستغالها بـشـكـل مـهـنـي ومــحــتــرف. والــبــديــهــي جـــدا أن تــكــون السفارات السعودية املنتشرة حــول العالم إحــدى أهــم الـواجـهـات األولية التي من املمكن أن «تؤثر» في حراك إيجابي ليساهم في تعزيز الصورة الجديدة للسعودية. وغير مفهوم أبـدًا عـزوف الكوادر الـسـعـوديـة فــي سـفـاراتـهـا حــول الـعـالـم عــن الـظـهـور والتواصل اإلعامي والثقافي واالجتماعي في هذه األيام، فهم لديهم أخيرا قصة جميلة تستحق أن تــروى. كانوا قديما في موقف املدافع املستمر، وأحيانا في موقف املـدافـع عن أشياء ال يمكن الدفاع عنها، ولكن اليوم الوضع مختلف جدا. الدبلوماسية السعودية بـحـاجـة أن تـشـمـر عــن ســواعــدهــا وتـمـنـح املــســاحــات الــحــرة ملن لديهم الكفاءة والقدرة على اإلدالء بدلوهم بثقة واقتدار وإقناع. السعودية اليوم لديها القصة األهم في «خلع» التطرف البغيض واالنــفــتــاح الطبيعي عـلـى الـعـالـم وإزالــــة الـتـعـقـيـدات عــن حياة طبيعية حــرم الــنــاس منها لـعـقـود طـويـلـة مــن الــزمــن. السفراء واملاحق املتخصصون، وكذلك القناصل في سفارات السعودية مــطــالــبــون بــالــتــواصــل بـشـكـل مـسـتـمـر مــع اإلعــــام واملناسبات العامة إلبراز ما يحصل في السعودية؛ ألن هذه التطورات تهم أصدقاء السعودية حول العالم بشكل أساسي وال شك، ولكن أن يكون التعاطي مـع مـا يحصل بشكل خجول ومـتـردد حتما ال يفيد وال يساعد أبــدا. الخجل والـهـدوء الدبلوماسي السعودي فـي الـخـارج قـد يكون مناسبا لحقبة مـن الـزمـن قـد ولــت، اليوم في فترة يحاول السعوديون إبراز رؤيتهم ورسالتهم الجديدة للعالم، الدبلوماسية السعودية في الخارج عليها عبء وحمل ومسؤولية غير بسيطة، فهي مطالبة بأن تكون الواجهة األولى لهذه القيم الجديدة عبر تواصل شجاع ال ينقطع مع كافة املنابر املتاحة؛ ألن الصورة الذهنية القديمة عن السعودية لن تتغير إال بالعمل الـدؤوب لتغييرها، واجهة الدبلوماسية السعودية في الخارج هي أولى املحطات لذلك األمر.
* كاتب سعودي