قفا نبك من ذكرى حريق ومنزل !
«ملـــاذا تـخـرج الـفـتـاة مــن مـنـزل أهلها لتتعلم فتخسر شرفها وحياتها؟»، هكذا علقت إحدى املعرفات التي قد تكون وهمية على خبر حريق سكن طالبات جامعة طيبة، بعيدًا عن صحة املعرف أو صفته االعتبارية، إال أنه استوقفني للحديث عن اللغة العدائية ضد النساء والتي ال ينبغي أن تمر مـرور الـكـرام، فهذه العقليات تعتقد أن تعلم الفتيات خطيئة، ولكن قبل معالجة الـلـغـة هــنــاك تعليق أوجــهــه لــــوزارة الــشــؤون البلدية والجهات املسؤولة عن رخص البناء. شاهدنا صور مبنى السكن املشار إليه أعاه، ونتساء ل هل يقبل معالي الوزير أن تسكن فتياته في منزل كهذا؟ كيف يتم إعطاء رخـص بناء لهذه «القبور البشرية» هـــذه الــعــمــارة املــغــلــقــة، بـفـتـحـات تــهــويــة تــم وضعها على استحياء، نحن ال نستطيع أن ننتقد فقط وزارة التعليم طــوال الـوقـت، النقد اآلن موجه لكل الجهات املتداخلة مع حياة الطالبات، هذه مسؤولية الجهات التي تمنح تراخيص نسألكم أال تجعلوا بيوت الناس مقابر، أعــيــدوا صياغة وهيكلة مفاهيم الـعـمـارة، أن ينمو املجتمع ثقافيًا دون أن يتوافق معه كافة املرافق األساسية والبنى التحتية تعطيل حقيقي للتنمية. ما هذه األبنية الكئيبة؟ لأسف ال يوجد هوية معمارية حقيقية للمسكن السعودي، وإن وجدت فهي مشوهة وتــعــيــســة وبــائــســة، عـــــودوا لــبــرنــامــج مــســامــيــر حيث أظنه مـن أفضل البرامج التي تعالج النسق الثقافي السعودي بكل واقعية حينما رسم مالك نجر بيوتنا كما هي وانزعجنا! لم ننزعج؟ هو نقل الحقيقة فقط، نحن تـجـاوزنـا اآلن مفهوم الحياة البسيطة للحياة املتمدنة، ولكن مبانينا تكتم أنفاسنا. جميعنا ننفر مـن األمــاكــن املغلقة، قـد نتفهم عوامل الــطــقــس، قـــد نــتــحــجــج بــــحــــرارة الـــجـــو، لــكــن مـــا ذنب الـــنـــوافـــذ؟ مـــا خــطــيــئــة األبــــــــواب، ملـــــاذا تــرفــع األســـــوار وترصف فوقها السواتر؟ أي نوع من السجون نبني؟ أي نوع من األفكار نعزز؟ ما نوع املخرجات البشرية الـتـي نتصورها مـن هــذه األبـنـيـة، الـتـي يـنـدر أن نرى مخارج الطوارئ بها؟ في املساكن البريطانية كافة األبواب الداخلية ال يوجد لـهـا مـفـاتـيـح، بــل حـتـى دورة املــيــاة تستطيع فتحها مـن الــخــارج، حتى إذا مـا حــدث حريق ال يكون هناك ضرورة لكسر األبواب! أعود لفكرة سكن الطالبات، وأقول السكن بحاجة لدعم جهات عـدة، وزارة التعليم وحدها ال تكفي! املجتمع بــأســره بـحـاجـة لـلـعـودة والتفكير ملـــاذا وصـلـنـا لهذه املرحلة من االنغاق النفسي واملجتمعي؟ لهذه الدرجة يخيفنا الجار فنعلي الجدار؟! كم عدد الباغات التي يتلقاها الــدفــاع املـدنـي بسبب إغــاق غـرفـة باملفتاح، أو بـسـبـب حــريــق وتـعـطـل املـــخـــارج؟ هـــذا هـــدر بشري واقتصادي ال ينافسنا به أحد، واألهم أنه يعكس حالة شـك تعطي تقريرًا مجانيًا للمجتمع الخارجي عنا، تخلصوا من املفاتيح وتحرروا من عبء الحديد!