الفشل في توسيع نطاق احلرب

فــي مـــحـــاوالت مستميتة ويــائــســة تـسـتـمـر ميليشيا الحوثي املدعومة من طهران في إطاق الصواريخ صوب سماء اململكة، وهـو أمـر ليس جـديـدًا على هـذه امليليشيا املنشقة عـن النظام الشرعي في اليمن، والتي تتورط في ارتكاب أعمال إجرامية تصل إلى حد جـرائـم الــحــرب، ومــن الــواضــح للعيان أن الحوثيني والخمينيني يرغبون في توسيع وزيــادة أمد ونطاق حربهم اإلجرامية خـارج بادهم إلى داخل حدود اململكة، وذلك بعد أن أشبعوا الشعبني اإليراني واليمني قتا وتنكيا وإفقارًا، وعلى نحو يكشف مقدار الحقد والبغض الذين يضمرونهما تجاه اململكة ومواطنيها، وهـو ما يـدل بقوة على فشلهم الحقيقي داخليًا، مما يدفعهم لإلصرار على صرف األنظار عنه من خال تلك املحاوالت الفاشلة والبائسة. لـقـد أثـبـتـت اململكة للعالم أجـمـع وبـمـا ال يــدع مــجــاال للشك فــي مناسبات عـدة، أن الصواريخ الحوثية التي يتم إطاقها تجاه اململكة هي صواريخ إيرانية الصنع، وهو ما يؤكد تزويد إيران للحوثيني بصواريخ باليستية لانقضاض على اململكة وترويع مواطنيها، مما يوضح وبقوة مدى عدائية النظام اإليراني ورغبته في إلهاب املنطقة بالكامل وإشعال فتيل الحرب بني جميع دولـهـا، غير أن القيادة الحكيمة في اململكة تفوت دومــًا على إيران تلك الفرصة التي ما فتئت تتحينها في كل مناسبة، من خال تصريحها بوضوح في كل مـرة أنها تحتفظ بالحق في الــرد في الوقت الــذي تحدده وبالطريقة التي تقررها وقتما ترغب في ذلك، مبرهنة فعا ال قوال أنها لن تنجر بسهولة أو ببساطة لتلك االستفزازات. لـقـد انـتـهـجـت املـمـلـكـة خـــال صــراعــهــا مــع إيــــران الـتـعـالـي عليها وتجاهل ترهاتها واستفزازاتها التي تكاد ال تتوقف، غير أنها تقدر كل موقف بقدره الذي يستحقه، ولذلك فهي تواجه أخطارها الفعلية بغاية الحزم، وهو ما حدث بالفعل في مواقف شتى، من أبرزها تدخل اململكة في اليمن الجتثاث التمدد الحوثي وقطع دابر النظام اإليراني، كما أن اململكة ضربت على يد قطر بالحديد ملجرد استشعارها تعاطفها مع النظام اإليراني، وليس من اإلنصاف أن يتباكى اآلن البعض على اليمن وقطر ويتجاهل الدور اإليراني في تلك األزمتني، فإيران هي من صنعت األزمة وهي من أشعل فتيل الحرب ومن أجج أوارها، وال يمكن أن تقف اململكة مكتوفة األيدي تجاه ذلك العدوان السافر دون أن تدافع عن أمنها وعن استقرارها وعن عمقها اإلستراتيجي. من الجدير بالذكر في هذا السياق أن نتذكر أنه خال حقبة الثمانينات ـــ إبان الحرب العراقية اإليرانية ـــ صرحت إيران بأنها قامت بتطوير صواريخ باليستية بعيدة املدى قـادرة على استهداف أبعد مدن اململكة، وقد حذرت اململكة حينذاك من خطورة هذا التصريح، وأعلنت أنها قادرة على الحصول على هـذا الساح وقتما ترغب في ذلــك، وبالفعل تفاجأت إيــران وإعامها خــال الـعـرض العسكري «سيف عبدالله» فـي الـعـام 2014 بــأن الصواريخ الباليستية بعيدة املـدى موجودة بالفعل في اململكة ـــ ومنذ الثمانينات ـــ بل وبإمكانها الوصول ألبعد نقطة داخـل الحدود اإليرانية، وذلـك دون أن تتباهي اململكة عبر وسائل إعامها املختلفة بهذا األمر، بل ولم تتعرض له من األساس، ألنها ال تسعى للتباهي وال الستعراض القوة. تريد طهران جر املنطقة إلـى حـرب نووية من خـال االستمرار في تطوير برنامجها النووي، غير أن تحذير ولي العهد األمير محمد بن سلمان الذي صرح به من فترة وجيزة من أن اململكة قادرة على الحصول على هذا الساح فور حصول إيــران عليه يجب أن يمثل جرس إنــذار للنظام اإليـرانـي، الذي يتعني عليه التحوط جيدًا ملا يقوم بفعله، ويحتم على رموزه التفكير مرات ومــرات فيما ذكــره ولـي العهد بـأن اململكة تستطيع بالفعل الحصول على الساح النووي، وقتما وكيفما وأينما تريد، بل وعلى نحو أسرع بكثير مما تتوقعه طهران أو حتى تتصوره.

* كاتب سعودي

احتفال العدائين تحت المساحيق الملونة بالقرب من برج إيفل في «كولور ران» في باريس، حيث يتم رش الوجوه بمسحوق ملون في المحطات على طول الطريق. (أ. ف. ب)