Okaz

هل تكفي الضربة السورية ؟

-

ليلة السبت قامت الواليات املتحدة وبريطانيا وفرنسا بضرب أهـــــداف فـــي ســـوريـــ­ة، ذات عــالقــة بــاملــنـ­ـشــآت الـكـيـمـي­ـائـيـة التي استخدمها كثيرًا نظام األســد، منذ ضـرب الغوطتني في العام ،2013 وتجاوز الخط األحمر للرئيس أوباما، وصوال لضرب دوما مؤخرًا، وسقوط الكثير من املدنيني مختنقني بغازي الكلور والسارين، أغلبهم من النساء واألطفال. في أبريل من العام املاضي قام الرئيس ترمب، بتوجيه ضربات صاروخية ألهداف تابعة للنظام، بعد استخدام النظام للغاز استهدفت من خاللها مطار الشعيرات، بعد استخدام النظام لألسلحة الكيميائية في خان شيخون. لكن الالفت في الضربة األخـيـرة، أن اإلعــالن عنها تم قبل توجيهها بأيام، على األقل من خالل حساب الرئيس ترمب على تويتر، وهو ما أعطى النظام وحلفاءه فرصة إلفــراغ بنك األهــداف الـذي قد يكون معلومًا مسبقًا من قبل النظام، من الجنود والعتاد، وبالتالي بدا وكأنها ضربة لحفظ ماء الوجه. ومن زاوية أخرى يبدو إعطاء هذه املهلة، وربما اإليحاء قبل الضربة بساعات بأن الضربة قد ال تتم، إلى رصد تحركات النظام وحلفائه، وخطواتهم إلعادة التموضع في املشهد السوري، كما أنها بال شك شهدت تنسيقًا بني الروس والـدول الثالث قبل الضربة، وهذا ما يفسر عدم استخدام الدفاعات الجوية الروسية خالل الضربة. كانت التصريحات من موسكو وطهران تشير إلى قلق شديد من ضربة كبيرة للواليات املتحدة، تضيع كثيرًا من املكاسب على األرض، والتي استنزفت الكثير مـن الـسـالح والــدمــا­ء مـن قــوات النظام وامليليشيا­ت التابعة لــه، لكن كان هناك إدراك عند الـدول الكبرى، أنه ال الواليات املتحدة وال روسيا، من مصلحتهما قيام اشتباك مباشر. وبالتالي احتاجت الـدول الغربية أن تضع حدًا الستخدام النظام لألسلحة الكيميائية، لكنها وبحسب رئيسة الــوزراء البريطانية تيريزا مـاي، لم تكن تستهدف تـرجـيـح كـفـة طــرف عـلـى آخــر فــي املــيــدا­ن الــســوري، ولــم تستهدف تغيير النظام، وال أتوقع أن تكون مؤثرة للحد الذي يدفع النظام وحلفاءه للسير بجدية نحو حل سياسي، خصوصا إذا ما تمسك الغرب بمسار جنيف والقرارات األممية التي تدفع نحو انتقال سياسي. كما أن الدول الثالث التي قامت بالضربة، كان بمقدور كل دولة عسكريًا القيام بهذه الضربة منفردة، لكن القيام بها بشكل جماعي هو رسالة أوال لروسيا، وثانيًا إليران، فضرب األهداف عبر تحالف ثالثي هو استمرار للضغط على روسيا، والذي بدأ منذ اغتيال الجاسوس الروسي في لندن، ثم ما أعقبه من طرد لكثير من الدبلوماسي­ني الروس في عدة دول غربية. وإليران كانت الرسالة أن االعتقاد بأن املصالح اإليرانية على األرض السورية مضمونة بالكامل أمـر غير دقـيـق، كما أن الحلفاء الــروس فـي نهاية األمر، مضطرون ملقاربات مع الغرب، ومقاربات مع إسرائيل أيضًا، التي قامت بأكثر من 100 ضربة ألهداف داخل سورية خالل السبع السنوات املاضية. تركيا رحبت بالضربة رغـم أنها تبدو ضمن تحالف روســي إيـرانـي تركي، وكانت على خالف مع دعم األمريكان لألكراد، وهـذا يشير إلى مدى تشابك األوراق في امللف السوري، وإلى أي مدى يعتبر األتراك أن استقرار األمر بشكل كامل للنظام السوري، قد ال يكون الخيار األمثل بالنسبة لهم. الضربات تدفع نحو تقليل فرص النظام وحلفائه في قتل السوريني، والضربة تدفع نحو حل سياسي ينهي معاناة السوريني، وإن كانت املعطيات ال تشير إلــى حــل سـيـاسـي قــريــب، بشكل رئـيـسـي ألن األطــــرا­ف املـتـداخـ­لـة فــي املشهد السوري تزيد كل يوم، وجميعها تشترك في عدم وجود أجندة مشتركة حول الحل السياسي. * إعالمي وكاتب سعودي

 ??  ??
 ??  ?? عبدالرحمن الطريري * ‪Twitter: @aAltrairi‬ ‪Email: me@aaltrairi.com‬
عبدالرحمن الطريري * ‪Twitter: @aAltrairi‬ ‪Email: me@aaltrairi.com‬

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia