Okaz

حاجات التعليم.. و«خبرة» القصيبي .. و«إصالح» العيسى!

-

كتبت مـقـاال سابقًا بعنوان «ارفــضــوا التعليم بالحفظ»، ونـظـرًا ألهمية التعليم لكل األجيال سأعاود الكتابة عن ذلك مرات عدة، فال يزال هناك الكثير مما يمكن قوله. أقترح على وزارة التعليم تأليف مادة مدرسية جديدة تعنى فعليًا بخالصة الحياة، تهيئ الطالب بعد تخرجه ليكون جاهزًا لفهم مناحي الحياة وكيف تدار األمور داخل املنزل وخارجه، وفي الحياة اليومية وخالل السفر وعند التقاء الناس ألول مرة وقبل االبتعاث وكيفية تقبل اآلخر والتعود على ثقافات اآلخرين. نريد نماذج واعية ومثقفة فكريًا جاهزة للتعايش مع الغير داخـل اململكة، ولديها جاهزية عالية للتعايش مع اآلخرين في أي مكان على وجه املعمورة. نحتاج أن تكون املخرجات التعليمية ذات فائدة كبيرة ألبنائنا وبناتنا وتحاكي الواقع املعاش، وليس االعتماد فقط على الحفظ والتلقني وما يحاول أن يمليه املؤدلجون على الطالب. خـيـرًا فعل وزيــر التعليم بــإقــرار­ه كـتـاب «حـيـاة فـي اإلدارة» للراحل غــازي القصيبي، ليكون مقررًا دراسـيـًا ضمن مــادة املـهـارات اإلداريـــ­ة اعتبارًا من العام الـدراسـي املقبل. هذه الخطوة املوفقة التي تعد األولى من نوعها في تاريخ التعليم باململكة إيجابية، وستعود بالفائدة على الطالب، واألمل أن يقرؤوا جيدًا ما ورد في الكتاب من دروس ولـدت من رحم التجارب والخبرات كتبها القصيبي في كتاب يتميز بسالسة الطرح وتميز أسلوب العرض. مــاذا نريد؟ نريد جيال يعرف مــاذا يــدور حوله ويــدرس من كل بحر قطرة، حتى يلم بــاألمــو­ر واملـتـطـل­ـبـات وشــــؤون الـعـيـش والــوظــي­ــفــة والــحــيـ­ـاة ومـــا الـــذي يــحــدث وكيف ومتى؟!.. نريد جيال جاهزًا للتحاور والتعايش مع الثقافات والحضارات األخرى ال يقصي كل من يختلف معه. نريد جيال جاهزًا لتقبل اآلخر ومواجهة الحقيقة خارج أسوار املدرسة واملنزل، وقادرًا على كيفية فهم الشخصيات اإلنسانية وطرق التعامل مع اآلخرين والتقلبات املزاجية. أعتقد أن الوقت قد حان، إلضافة مواد تدرس كثقافة عامة، تندرج تحتها ثقافات عاملية وقانونية وصحية واستهالكية توعوية عن كيفية ضبط امليزانية املنزلية وملعرفة كيفية التخطيط وماهية الخطوات الالحقة التي تأتي بعد ذلك للتنفيذ. وكذلك كيفية التعامل مـع األزمـــات وحـــاالت الــطــوار­ئ بمختلف أشكالها ســواء داخــل املـنـزل أو في الشارع أو في العمل أو حتى خارج البالد. من حق الطالب أن يعرف ماذا تعني الحقوق والواجبات وما له وما عليه، وأن يعرف األنظمة والقوانني وما يجب عليه تجنبه قانونيًا. العالم يندمج مع بعضه أكثر فأكثر والثقافات والقوانني متغيرة بني البلدان، ويجب أن نحمي الجيل الحالي والقادم من الـوقـوع فـي بعض األمــور التي يعتقد أن ممارستها عـاديـة، ثـم يكتشف أنها جريمة يعاقب عليها القانون بالغرامة أو السجن! ال أحد يقلل من أهمية املواد واملناهج الدراسية الحالية، ولكن الحاجة ماسة ملواد تواكب كل املراحل، ألن أهميتها تكمن في أنها تحاكي ما نمارسه على أرض الواقع بشكل شبه يومي، وفي كتاب وزير التعليم أحمد العيسى «إصالح التعليم في السعودية» مما هو يدعو إلى التغيير والتجديد في العملية التعليمية. التعليم الصحيح يجب أن يتناول جميع مناحي الحياة، ملواكبة التطورات ومواجهة املـخـاطـر وكـسـر الــجــمــ­ود، ووفـــق رؤيـــة «املـمـلـكـ­ة »2030 نـحـتـاج إلــى مـواكـبـة التحول الوطني بمواد وحصص دراسية قادرة على «اكتشاف الذات» عند الطالب في مراحل مبكرة، باعتبار أن كل طالب هو حالة مختلفة عن اآلخر.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia