هل قتلوا (ميكي ماوس) ؟
أرجو من املسؤول عن نشر مقالي أال ينتقي معه صــورة كاريكاتيرية تعيسة، فيكفيني مـن الهم ما أصابني، إذ تبدأ قصتي حينما قبلت دعوة صديقة (ال بارك الله فيها) لحضور أمسية زعمت وكذبت علي أنها ستكون أمسية حافلة بالبسط وهــز الــوســط، وألنـــي إنـسـانـة مجبولة عـلـى حب الحياة مـا استطعت إليها سبيا لبيت الدعوة ويا ليتني لم ألبها ! كــــان املــجــلــس مــكــتــظــا بــنــســاء مــخــتــلــفــات فكريًا وبعضهن (متخلفات) وغريبات األطـــوار، وكان الحديث إجـمـاال مـن املهتمات بالشأن الـعـام عن حـــال املــــرأة كـيـف كـــان، وإلـــى أيـــن وصــلــت ؟ وفي الجانب اآلخر بعض من املهتمات بتوافه األمور الــدنــيــويــة كـخـلـطـات تـفـتـيـح الــبــشــرة والبهارات املثالية لكبسة الحاشي ! دخلت وأنا (أتبختر) كالطاووس، أمشي الهوينا يتبعني ظلي وأتبعه، ثـم جلست بكامل وقاري و(كشختي) بني البني، أستمع كعادتي أكثر مما أتكلم، فسألتني إنسانة محسوبة على البشرية، ثقيلة وزنــًا وطـيـنـة، كـانـت تجلس بجانبي، هل سـتـقـوديـن الــســيــارة ؟ فقلت لـهـا واملــانــع ؟! قالت والله إنها لفتنة سوف تؤدي إلى املفاسد ! أعــتــقــد أن عــــداد الــزمــن مــتــوقــف عــنــد هـــذه املرأة املسكينة وكل من يحمل نفس فكرها ونهجها في الحياة، وهــذا هـو السبب الحقيقي لتأخرنا من اللحاق بركب الحضارة والتقدم. فموقفها ورد فعلها ذكــرنــي بسلسلة الفتاوى العجيبة الغريبة واملضحكة والتي قد تجاوزها الزمن وتجاوزناها بفضل الله، فقد أفتى سابقًا أحـــد املـتـحـمـسـني قــبــل زعــمــهــم بـتـحـريـم التعليم وقيادة السيارة بحرمانية ركـوب املـرأة للدراجة الهوائية أو (البسكليتة) وقد وصفوها بحصان إبـلـيـس، ثــم حــرمــوا عليها لـبـس الجينز وحمل الهاتف الجوال وحذروها من البلوتوث وخطره على عفتها وعفافها ودراما.. دراما حقيقية ولم يسلم من عدوى التحريم هذه معظم إنــجــازات الـعـبـاقـرة مــن الـبـشـر، كالراديو والتلفاز واألطــبــاق الفضائية وغـيـرهـا، وكــل ما حرمه «بعض الدعاة» في األيام املاضيات حللوه الـيـوم على أنفسهم حتى أصبح جــزءًا مهمًا من حياتهم يستخدمونه وال ينفكون عنه، في ذات الـــوقـــت الــــذي كـــانـــوا يــحــرمــون اســتــخــدامــه على الناس ! هـــذا نــمــوذج مــن قـائـمـة مـخـتـرعـات تــطــول وقف بعض املنافقني ذات يــوم ونـــادوا بتحريمها ثم ســرعــان مــا تــراجــعــوا وأقــبــلــوا عـلـيـهـا بحماسة شديدة و(بوجه مغسول بمرق). فــي الـحـقـيـقـة كــانــت لـيـلـة تـعـيـسـة، وكـــان حواري مــع الـتـي تجلس بجانبي بـائـسـًا، فألقيت أذني واســتــرقــت الـسـمـع عـلـى مــن يجلسن فــي الجانب اآلخر عل وعسى ينشرح صدري، فسمعت إحداهن تشرح للبقية طريقة عمل البسبوسة بالقشطة ! فـرجـعـت مـرغـمـة (لـلـغـثـيـثـة) الــتــي كــانــت تجلس بـجـانـبـي وســألــتــهــا: بـالـلـه عـلـيـِك عــنــدك ِعــلــم هل قتلوا حبيبي (ميكي ماوس) بعد الفتوى القديمة بإهدار دمه أم ال يزال حيًا يرزق؟!