القمة العربية وإسماع صوت العقل
يومًا بعد يوم، يمتد وضع عدوى الصراعات اإلقــلــيــمــيــة، إلــــى األراضــــــي الـــســـوريـــة، التي أصبحت مجاال للحرب بالوكالة. فـــــي فــــبــــرايــــر املـــــاضـــــي، أســـقـــطـــت الـــــطـــــائـــــرات الحربية اإلسـرائـيـلـيـة طــائــرة إيـرانـيـة دون طــيــار، بينما أسقطت الـطـائـرات الـسـوريـة طـائـرة إف 6١ إسرائيلية. وقصفت القوات الجوية اإلسرائيلية عدة أهداف سورية وإيرانية. فــي تــلــك الــلــيــلــة، تــم تــدمــيــر قــاعــدة إيــرانــيــة فــي سورية بواسطة الطائرات الحربية اإلسرائيلية بعد 24 ساعة من الضربات الجوية على مواقع إنتاج األسلحة الكيميائية. دون أن ننسى تدخات تركيا، والقصف الروسي الداعم لنظام بشار األسد، ووضع منطقتي جوبة وإدلب، حيث الوضع يبدو فعا مخيفًا. لست هنا بصدد تـكـرار تعليقات املختصني فـي الشرق األوسط أو في املنطقة، لكنني أود ببساطة أن أشير إلى الهشاشة األمنية التي تمر بها هـذه املنطقة املهمة من العالم. لــقــد شـكـلـت الــجــزيــرة الــعــربــيــة وحــلــفــاؤهــا فـــي مجلس التعاون الخليجي، طوقًا ضد العدو اإليـرانـي ووكائه (ســــواء الـحـوثـيـون فــي الــيــمــن، حـــزب الــلــه فــي لــبــنــان، أو املــعــارضــون فــي الـبـحـريـن). ولـكـن يـظـل الــوضــع متوترًا أكثر فأكثر، خاصة مع غياب في األفق ألي حل في األزمة بــني دول الخليج وقــطــر. وهـــذا بسبب الـتـقـارب الشديد بينها وبني إيران املروجة لإلرهاب، واملتسببة في زعزعة االستقرار بتدخاتها اإلقليمية. هـذه الضبابية في السياسة ألعدائها، تبدو عكس ذلك تـمـامـًا بالنسبة للخطاب الـشـفـاف لـلـريـاض، خصوصًا حيال إيـران، حيث ال يمكن إليران االستمرار في اإلفات من العقاب لزعزعة استقرار املنطقة العربية. هذا التصلب في السياسة اإليرانية يظهر بوضوح شديد فــي الـخـطـابـات الـرسـمـيـة اإليــرانــيــة، ولـكـن أكـثـر مــن ذلك يتجسد أيضًا على أرض الواقع. لــذلــك إذا أردنــــا رســـم واقــــع مـخـتـصـر لـلـمـنـطـقـة، فحتمًا سنكون أمام وضع مهترئ، موسوم بلبنان مهزوز يعيد بناء نفسه عشية االنتخابات النيابية. واليمن املدمر، جــراء الـحـرب على الحوثيني املـدعـومـني واملسلحني من إيران. ومن جهة أخرى سورية التي تواجه الصراع بشكل مباشر أو غير مباشر على أرضها بني إسرائيل وتركيا وروسيا وإيران. وفـــي الـخـلـيـج، فـــإن مـجـلـس الــتــعــاون الـخـلـيـجـي يواجه بعض التوتر جراء تعنت قطر ورفضها الخضوع ملطالب جيرانها حفاظًا على استقرار الخليج العربي، وربما من الضروري انتظار قمة كامب ديفيد، في مايو، أو باكس أمريكانا إليجاد حل تفاوضي ألزمة قطر. ففي منطقة كهذه، ومـن دون أدنــى شـك، فـإن أي تصرف غير محسوب سيؤدي حتمًا إلى انفجار فوهة البركان. حــــرب الــخــلــيــج الــثــالــثــة تـتـشـكــل مــبــدئــيــًا أمـــــام أعيننا؛ فالقاعدة العسكرية األمريكية في قطر في حالة تأهب قصوى. ويبدو أن الرئيس ماكرون وحلفاء ه، بما في ذلك اململكة العربية السعودية، من خال تجاوبه وتحركاته املتعددة في املنطقة وزيارته للمملكة العربية السعودية، قد أدركوا املخاطر التي تحدق باملنطقة.. أمـــا أوروبـــــا الــصــمــاء، فـهـي غـيـر مـــوجـــودة، حـيـث تبدو الــســيــدة مـوغـيـريـنـي فــي بـعـض األحــيــان أكــثــر اهتمامًا