Okaz

قمة القدس وجتار القضية

- * كاتب عربي

أعــــــاد­ت قــمــة الـــقـــد­س - الـــظـــه­ـــران مــــرة أخرى القضية الفلسطينية إلى واجهة العمل العربي املـــشـــ­تـــرك. فــرفــضــ­ت الــــقـــ­ـرار األمـــريـ­ــكـــي بنقل السفارة األمريكية إلى مدينة القدس وأكـدت على تمسكها باملبادرة العربية باعتبارها أساسًا لحل الصراع العربي - اإلسرائيلي، بما في ذلك التشديد على حل قضايا الوضع النهائي كالقدس والالجئن واملستوطنا­ت. ورفضت القمة كل اإلجــراءا­ت أحادية الجانب التي تهدف لتهويد القدس واألمـــاك­ـــن املــقــدس­ــة. وقـــد أطــلــق خــــادم الــحــرمـ­ـن الشريفن امللك سلمان بن عبد العزيز اسـم (قمة الـقـدس) تعبيرا عن بــقــاء الـقـضـيـة الفلسطينية عـلـى رأس أولـــويــ­ـات السياسة السعودية. عـلـى امــتــداد الـسـتـة الـعـقـود املـاضـيـة لــم تبخل املـمـلـكـ­ة في دعــم القضية الفلسطينية، مـنـذ أن أرســـل املـغـفـور لــه امللك عـبـدالـعـ­زيـز آل سـعـود فـرقـة عسكرية سـعـوديـة شــاركــت في حـــرب اإلنــقــا­ذ تلبية لــنــداء أمـــن الحسيني مـفـتـي القدس، مرورا بدعم الشعب الفلسطيني بكل مراحل نضاله. ساندت اململكة كل القضايا العربية وعندما انطلقت حرب تشرين األول/أكتوبر قــام املـلـك فيصل رحـمـه الـلـه بقطع البترول وهـــو شــريــان الـتـنـمـي­ـة فــي املـمـلـكـ­ة آنـــــذاك. وعــنــدمـ­ـا عارض الفلسطينيو­ن اتفاق كامب ديفيد عارضته اململكة وقطعت عالقاتها مع مصر السادات. وقفت اململكة مع العرب جميعا ومع الفلسطينين في مؤتمر مدريد للسالم بالدعم املادي واملعنوي والسياسي واإلعالمي. وفي بداية األلفية الجديدة صــاغــت املـمـلـكـ­ة الـعـربـيـ­ة الـسـعـودي­ـة مـوقـفـا عـربـيـا موحدا لــم تشذ عنه أي دولــة تـجـاه الــســالم مــع إســرائــي­ــل، وأطلقت مبادرة السالم العربية، كأساس ومرجعية للحل السياسي، األرض مقابل السالم وحـل الدولتن، وبقيت هـذه املبادرة هي األســاس ألي حل سلمي للصراع العربي ــ اإلسرائيلي. وعـنـدمـا حــدث االنــقــس­ــام الفلسطيني ــــ الفلسطيني كانت اململكة أول من هب ملحاولة رأب الصدع بن اإلخوة األلداء. وجمعت كـل األطـــراف فـي مدينة مكة املكرمة وتــم التوقيع على اتفاق مصالحة. أما عن الدعم املالي فحدث وال حرج، فقد طال معظم الشعب الفلسطيني، الصامدين في الداخل والالجئن في الشتات. تلك صفحات بيضاء فــي تــاريــخ اململكة فــي دعــم القضية الفلسطينية ال يستطيع أحـــد أن يـنـكـرهـا أو يتجاهلها. لــيــس ذلــــك وحــســب وإنـــمـــ­ا كــانــت بــوصــلــ­ة املــمــلـ­ـكــة هـــي ما يريده الفلسطينيو­ن، لم تحاول أبدا أن تفرض رؤيتها، لم تستغل القضية الفلسطينية لتحقيق أغـــراض أخـــرى، لم تتاجر بالقضية أبــدا. أمــا كثير ممن ادعــى دعما للقضية فقد كانوا يريدون أن تكون القضية ويكون الفلسطينيو­ن ورقة في أيديهم، يحركونها متى ما شاؤوا، يقايضون بها مصالحهم. ولألسف ارتضى بعض الفلسطينين أن يكونوا تـلـك الــورقــة، فـتـم اسـتـخـدام­ـهـم وفــي بـعـض األحــيــا­ن لقتال وقتل أخوتهم الفلسطينين، وقتلوا من أخوتهم أكثر مما قتلوا من عدوهم. مضت السنون وذهـب املتاجرون كل في مصيره، ولكن ظهر جيل جديد من املتاجرين، ولكن في هذه املرة أصبحت القضية حصان طروادة لضرب األمن القومي العربي واألمــن القومي لـدول الخليج وعلى رأسها اململكة العربية السعودية. ولكن اململكة نهضت تدافع عن أمنها وعمقها في عاصفة الحزم لتقطع أي يد تريد أن تمتد إليها بالسوء، ولكي تدافع عن أمنها وأمن العرب جميعًا. وهنا بدأت أذرع التجار الجدد اإلعالمية همروجة (التطبيع وتغير مــواقــف اململكة مــن القضية الفلسطينية). لقاءات سرية وتفاهمات خلبية استطاعوا أن يكشفوها وهي ليست موجودة سوى في أذهانهم، كيدا للمملكة ومحاولة بائسة لتشويه صورتها. وصلت الحماقة بالبعض أن يتوقع أن تكون قمة القدس - الظهران هي قمة التطبيع مع إسرائيل! يحق للمملكة أن تنظر مـن عــٍل عندما تتحدث إلــى هؤالء حــول القضية الفلسطينية، فعندما يصلون إلــى مستوى مـسـانـدهـ­ا لفلسطن حـيـنـذاك يـحـق لـهـم أن يـقـفـوا نــدا لها. فاململكة لـيـس لـديـهـا ســفــارة إسـرائـيـل­ـيـة لـتـطـردهـ­ا وليس لديها سفير فـي إسـرائـيـل لتقطع الـعـالقـا­ت الدبلوماسي­ة، واململكة ال تقيم مــنــاورا­ت مـع الـكـيـان الـغـاصـب وال توجد لها عــالقــات اقـتـصـادي­ـة لتلغيها. اململكة لــم تشتر أسلحة إسرائيلية (إيران كونترا)، وال تدعي يوميا املوت إلسرائيل واملـــــو­ت ألمــريــك­ــا، وتــذهــب لـتـبـحـث عــن طــريــق الــقــدس في املــدن العربية واإلســالم­ــيــة. اململكة ال تـدخـل اإلسرائيلي­ن عبر إعالمها إلـى غـرف النوم العربية وال تستقبل الوفود اإلسرائيلي­ة الرياضية وغير الرياضية. اململكة ليس لديها مكاتب لرعاية املصالح اإلسرائيلي­ة، ولم تستقبل شمعون بيريز وال غيره على أراضيها. اسـتـبـدل هــؤالء الـتـجـار دعــم القضية الفلسطينية بنضال املـــايــ­ـكـــروفــ­ـونـــات وصــــــرا­ع الـــبـــا­لتـــوهـــ­ات، الــخــطــ­ب الرنانة والــدمــو­ع الــكــاذب­ــة. فلسطن املحتلة عـلـى مـرمـى حـجـر من ميليشياتهم، ومع ذلك يقتلون أبناء جلدتنا وهم يهتفون لـفـلـسـطـ­ن، يـشـعـلـون الـطـائـفـ­يـة فــي بــلــدانـ­ـنــا وهـــم يهتفون لـفـلـسـطـ­ن، يــخــرجــ­ون أحــقــاده­ــم الـتـاريـخ­ـيـة وهـــم يهتفون لـفـلـسـطـ­ن، يـــريـــد­ون تــمــزيــ­ق الـفـلـسـط­ـيـنـيـن وهـــم يهتفون لفلسطن. يرصفون طريقهم املزعوم إلـى القدس بجماجم أبنائنا وبناتنا وهم يهتفون لفلسطن. لذلك فعلى هؤالء أن تتوضأ ألسنتهم وتتخلص من درنـهـا، قبل أن تتحدث عـــن املــمــلـ­ـكــة الــعــربـ­ـيــة الــســعــ­وديــة ومــوقــفـ­ـهــا مـــن القضية الفلسطينية. موقف اململكة مـن القضية الفلسطينية ثابت ال يتزحزح، تــأيــيــ­دا ومــســانـ­ـدة وتـمـسـكـا بـكـل مــفــردات الــحــل السياسي، لكل مــن لــه عينان وألــقــى السمع وهــو شهيد، وهــي ليست بحاجة إلى شهادة من أحد. يكفي أن نذكر ما قاله الرئيس الفلسطيني حـول لقائه مع خــادم الحرمن الشريفن امللك سلمان بن عبدالعزيز الــذي قـال لـه: «كلمة واحــدة، وهـي ال حل بدون دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وغير ذلك ال تسمعوه من أحــد». بالنسبة إلـى املزايدين والتجار الذين يصرون على كذبهم وتزييفهم فهي عنزة ولو طارت.

 ?? حديث األربعاء د. رامي الخليفة العلي * @ramialkhal­ife ??
حديث األربعاء د. رامي الخليفة العلي * @ramialkhal­ife

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia