صوالت وجوالت الوزراء

قلة من الوزراء يقابلون الناس بقلب مفتوح وذهن صاف ينوي تعديل األخطاء وفهم مطالب الناس. لكن األغلبية ال تتواصل مع املواطنني بحجة أنهم ليسوا وزارة خـدمـيـة أو بحجة الـتـهـرب مــن الــواســطــات، وإن فعلها الوزير وتواصل مع الشعب يرافقه حاشيته وكاميراته وسجل الزيارة ســواء كانت وجهته العاصمة أو إحــدى املــدن الكبيرة، تاركني الـــنـــاس فـــي الـــقـــرى والــهــجــر يــصــلــون لــحــالــة يــرثــى لــهــا بينما يحاولون إيصال أصواتهم ملعالي الوزير. هؤالء الوزراء ينزلون إلى املجتمع، نعم ينزلون وليس يخرجون من مكاتبهم، ال يكون نزولهم مفاجئا من أجل الرقابة واإلشراف على املؤسسات واملـشـاريـع والقضاء على التأخر والـفـسـاد، بل ينزلون فـي جولة مـصـورة تـم تحديثها وتطوير أدواتــهــا، فلم تعد الصحافة والتلفزيون الــلــذان يـرافـقـان الــوزيــر فـي جولته فقط بل يرافقه في زياراته حاشيته وبعض املؤثرين -«املؤثرون: مصطلح جديد يـدل على مشاهير سناب وتويتر املـدفـوع لهم مبلغ محترم إضافة إلـى تذاكر الطيران والفنادق على حساب الـــــوزارة»- ثــم يـعـود الــوزيــر بـعـد الـجـولـة املــصــورة ويـغـلـق باب مكتبه. وفي االحتفاالت أو املناسبات والندوات ال يجلس معاليه غير في الصف األمامي، بينما وزراء العالم األول يتوسطون الناس في مقاعدهم ليروا كل الجهات ويتابعوا كل التفاصيل. الوزراء في العالم األول ال يكادون يجلسون أساسا، بعكس وزيرنا الذي يجلس كالطالب النجيب في الصف األول، لكنه نسي أن ليس كل من جلس في الصف األول تفوق، بعضهم يجلس في الصف األمامي بسبب ضعف نظره وبعضهم يرسب نهاية العام. وألن املواطن الذي نزل الوزير إليه يحمل هاتفا ذكيا فهو ال يهتم بحملة اإلعالم الجديد التي رافقت معاليه، بل هو يصور خلسة أخالق الوزير التي ال تظهر أمام الكاميرات وصراخه وتعابيره الجارحة. ولدينا في ذاكرتنا القريبة الكثير من املـواقـف التي صـور فيها مواطن شجاع فشل إدارة الوزير للجموع البشرية مما عجل برحيل الوزير وإعفائه.. وبقاء كرامة املواطنني. ما أهمية جوالت الوزير في هذا الوقت تحديدا؟ إن التواصل بني الوزراء والناس يزيل سوء فهم املواطنني لبعض مشاريع الحكومة ورؤية ،2030 وعدم التواصل يعني ترك املكان فارغا ألعداء اململكة في الداخل والخارج لتعبئة فراغ الوزارات التي لها دور إعالمي مهم، وتشويه سمعة هذه املشاريع.