الترفيه والهجمة املوتورة
سيظل مجتمعنا محافظا متمسكا بعاداته وتقاليده وأخـالقـيـاتـه وبـالـنـشـأة الـتـي تـربـى عليها جيال بعد جــيــل، وســتــظــل مــســاجــدنــا مـلـيـئـة بــالــشــبــاب، ويظل اإليمان بإذن الله عامرا في نفوس الصغار قبل الكبار، هذه الحقيقة التي يجب أن يعرفها القاصي والداني عــن مجتمعنا الـسـعـودي الـــذي أصـبـح محط اهتمام األعــداء واألصـدقـاء و«األعــدقــاء» وهـم لألسف الشديد كثر. يحدث ذلك ونحن نشهد نشاطا فاعال لتوفير مجاالت تـرفـيـه مـتـنـوعـة تـشـمـل كــل فــئــات املـجـتـمـع وأعماره، كما نشهد انفتاحات متعددة األغــراض على وسائل مختلفة من الفرح واملرح، تأخذ أشكاال متنوعة آخرها عودة السينما، كل ذلك الحراك أحدث عدة ردود فعل سلبية وإيجابية و«حقدية» لعل أبرزها تلك الهجمة املــوتــورة الـتـي يشنها علينا مـرتـزقـة مــن الــخــارج أو الداخل ويشارك فيها من يفسد فيها بغباء أو بسوء نية. يصورنا أولئك الكارهون على أننا مجتمع قد انفلت من عقال الدين، وأننا تحولنا مع أنشطة الترفيه التي نعيشها إلى مجتمع الفسق واملجون، وفي سبيل ذلك أخــذوا يكذبون ويفترون ويـــزورون، ويـجـدون بيننا من يستمع إليهم، ويـروج ألكاذيبهم وكأنهم ال يرون ما يدور حولهم وال يدركون التحول «الفرحي» الذي يعيشه مجتمعنا. تصوروا أنهم ينقلون مقاطع من أندية ليلية من خارج بــالدنــا يظهر فيها بـعـض الخليجيني «الفاسخني» ويــذكــرون أنها مـن داخــل بـالدنـا، يـصـورون الحفالت الغنائية الحية الـتـي نشاهدها فــي التلفزيون على أنـه الفسق بعينه قد حضر إلينا، ويـذكـرون السينما التي نشاهد أفالمها على شاشة التلفزيون على أنها الشر املتربص بنا، مع أنها ال تعدو أن تكون مجمعا ملشاهدين عوائل أو أفراد يتحلقون حول شاشة كبيرة ملشاهدة مـا يمكن مشاهدته على التلفزيون، وهــي ــ السينما ــ محطة ترفيه كما هي املتنزهات واملطاعم ومدن األلعاب. الترفيه الـذي نعيشه ليس أكثر من نشاط وفعاليات متنوعة مطروحة للجميع، ولم تفرضها جهة معينة، ولم تصر عليها، بل هي متاحة ملن يريد، وهناك من يــرغــب مـثـال فــي حــضــور حـفـل غــنــائــي، وهــنــاك مــن ال يستمع إلى املوسيقى أصـال، لكنه يحضر مباراة في كــرة الــقــدم وربــمــا يـشـاهـد مسرحية هـزلـيـة كوميدية وترتفع ضحكاته سعادة وراحة، فلماذا يصر البعض على أن يمنع «فـرحـنـا»، ملــاذا يمنعون عنا السعادة، ملاذا يريدون أن نعيش منغلقني على أنفسنا رغم أننا تخطينا حواجز الضعف واالستكانة وانطلقنا إلى فضاء العاملية بإنجازاتنا واختراعاتنا ومبادراتنا فــي كــل املـــجـــاالت، وأصــبــح الــســعــودي عـلـمـا معروفا فـــي الــطــب والــهــنــدســة والــثــقــافــة واألدب والسياسة والتكنولوجيا والعلوم على تنوعها. دعونا نفرح أيها القوم، وال تخافوا علينا فأساسنا صـلـب، وتـأسـيـسـنـا الـديـنـي واألخــالقــي أكـثــر صالبة، والـتـرفـيـه لـيـس فسقا طـاملـا نـحـن نميز بــني الخبيث والــطــيــب والــصــح والــخــطــأ، املــهــم أن نــكــون أكــثــر ثقة بتكويننا وأن نقف وبكل قوة أمام أي ادعـاءات بأننا فقدنا ثوابتنا ال سمح الله.