Okaz

ومن منا لم يعنف؟

-

التعنيف كلمة تشعر املعنف أو املعنفة بـالـوحـدة والعزلة والضرر واألسى والخوف من قبل املتسلط -إن صح التعبير-، فــهــو عــبــارة عــن تـسـلـط الــطــرف األقـــــو­ى عــلــى األضـــعــ­ـف، إما لصغره أو لجنسه أو لوضعه االجتماعي، كما أن التعنيف كلمة مطاطة قد يدخل فيها ما ليس منها ويخرج منها ما هو من صميمها، فالقسوة في التربية وما يرافقها من ضرب ال تعني بالضرورة تعنيفا، كما أن الصراخ الذي يراه الكثير مجرد ارتفاع في حـدة نبرة الصوت قد يكون من التعنيف، وهل التعنيف يكون باإليذاء البدني فقط؟ أم أنه يشمل اإليذاء النفسي أيضًا؟ ال شك أن اعتبارهم جميعًا أولى، فالصراخ قد ينتج عنه من األذى النفسي ما ال يبلغه الضرب واألذى البدني. التعنيف إن كان حقيقيًا بمعنى أنه تجاوز الحد املتعارف عليه، فالطرف الثالث وهي وزارة العمل والتنمية االجتماعية لها الحق في أن تقوم بدورها في حل القضية، بحيث ال يكون الوضع بعد إجراء اتها أكثر تعقيدا مما كان قبله، فلغة التهديد والتعهدات للمتسلط ليست الــحــل، بــل املـطـلـوب مـعـرفـة جـــذور املشكلة، والسبب الحقيقي للتعنيف للوصول لقناعات مستدامة ال حلول جزئية ومؤقتة، أمـا إن كـان التعنيف مجرد تهيؤات من قبل املعنف نتيجة عدم رغبته أو ماء مته ملثل هذا النوع من التعامل - ومن منا يتقبل التعنيف - فهنا يعتبر تعامل األطـــراف الخارجية تـدخـا فـي الخصوصيات، لــذا ال يمكن حدها وال مـسـاواة جميع الـحـاالت ببعضها البعض، ولكن بـاإلمـكـا­ن وضــع أطــر لــه وســمــات تثبت حقيقته مــن عدمها، وبما أن التعنيف ال يحده عمر أو جنس أو فئة بالتالي البد مـن أن تشمل اإلجــــرا­ءات ضــده جميع صــوره وأشـكـالـه، ومن هذه الصور التي تكاد تكون معدومة في مخيلة البعض هو تعنيف الزوجة لزوجها واألبناء آلبائهم، وهو ما قد يقابل بالسخرية من قبل بعض أفــراد املجتمع، بينما هي حقيقة مـوجـودة، يعاني منها كثير من اآلبــاء واألزواج املتحرجني أو ممن يعانون ضعفًا في الشخصية أو األهلية، والصعوبة تكمن في كيفية االهتداء لحلها من قبل األطراف املختصة في ظل حساسية الوضع بالنسبة للرجل في مجتمع ال يتخيل مثل هذه الحاالت فضا عن مشاهدتها ومامستها، إعاميًا يضاف اسم املعنفة للمدينة أو املحافظة وال أعتقد أنه يليق بها وال بقاطني تلك املدن، وفيه من التشهير سواء للفتاة أو مدينتها، واألولى من ذلك أن يقال املعنف أو املعنفة في مدينة كذا وكذا.

كــمــا يــجــب الــتــنــ­بــه إلــــى أن اســـتـــخ­ـــدام مــنــصــا­ت التواصل االجـتـمـا­عـي هـو بقصد الــوصــول للجهة املختصة ملثل تلك الــحــاال­ت، ال لحشد أكـبـر شريحة مـن املتابعني والجماهير، بالتالي على املعنف أو املعنفة استخدام تلك املنصات بحذر وبـمـا يـخـدم قضيتهم، ال أن يـزيـد الـطـني بـلـة. التعنيف في كـل األحـــوال أسـلـوب تعامل غير محبب أبـــدًا، رغــم أن غرض املعنف - املتسلط - هو الـوصـول إلـى هـدف معني وقـد يكون مشروعًا، مع هذا فاألحرى باملعِنِف أن يدرك أنه أمام طريقني للوصول لغايته؛ هما الرفق أو العنف، والرسول صلى الله عليه وسلم أخبر: أن الله تعالى يعطي على الرفق ما ال يعطي على العنف وأن الرفق ما كان في شيء إال زانـه وما نزع من شيء إال شانه.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia