األدب خارج األقواس
لم يكن وجـود «مسك» و«هيئة الثقافة» و«إثــراء» في الزيارة املكوكية لألمير محمد بن سلمان إلى واشنطن وثاث عواصم أوروبية إال تأكيدًا أن الثقافة السعودية لها اليد الطولى فـي بناء الـشـراكـات بـن املجتمعات اإلنسانية، وتساهم في بناء العاقات اإلستراتيجية بن البلدان، ما يدفع بالدبلوماسية إلى ما وراء النفط والصفقات العسكرية والطاوالت املستديرة. وفـــي وقــــٍت حــضــرت فــيــه الــثــقــافــة الــســعــوديــة بفنون متنوعة كالفنون املسموعة أو املرئية، لم يكن لألدباء الحضور الافت في الزيارة، ما يضع عامة استفهام أمـام األدب، وكتابه، واملسؤولن عنه، إذ إن األديـب ال يقل عــن الـفـنـان التشكيلي أو املــخــرج السينمائي أو الـعـازف املوسيقي في مقامه وفضله وحراسته للغة والفكر والــتــراث اإلنـسـانـي فـي الـسـعـوديـة، خصوصًا أن األدباء السعودين نالوا جوائز مهمة، إذ حصدوا تقريبًا.عــلــى سـبـيـل املــثــال- ثـلـث جــوائــز «الــبــوكــر العربية» ولألدب خاصيته في سبر التراث التاريخي للمملكة وخلقها من جديد، ووضعه ضمن نسق أنثروبولوجي لإلنسان فـي الـجـزيـرة العربية، خصوصًا فـي مملكة مترامية األطــراف، تحتوي على تـراث متنوع، وعمق تاريخي أعــرق من الحضارة اإلسامية بــآالف، وكان آخرها اكتشاف رفاة ما يسمى بـ«اإلنسان القديم» في منطقة تبوك، الذي يبلغ عمر بقاياه املكتشفة نحو 85 ألف سنة. ورغـم بقاء األدبــاء خـارج أســوار مجلس إدارة الهيئة العامة للثقافة املعلن أخيرًا، إال أن الوفد الفني املرافق للزيارة التاريخية استطاع أن يشكل نـافـذة بصرية على املجتمع السعودي، إذ استطاعت الجهات املختلفة إيـــجـــاد الــتــنــوع الــفــكــري مـــن خــــال الــفــنــون وبعض مدارسها املختلفة، رغم أن التنافس لم يكن جليًا بقدر التكامل في تقديم الصورة الثقافية للمملكة. وفــي املـنـتـهـى، البــد عـلـى األدبــــاء -مــن وجــهــة نظرياملضي قدمًا في إعادة هيكلة خطابهم الثقافي، وخلق املناخ اإلبـداعـي بينهم من خـال املؤسسات الثقافية الحكومية واألهلية، إذ إن أحد قطاعات الهيئة العامة للثقافة هــو األدب، فـابـد مــن املــبــادرة، والــنــزول إلى مــيــدان هـــذه املــؤســســات، ورفـــع كــفــاءتــهــا، عــوضــًا عن مقاطعتها، واالنكفاء في املقاهي واملجالس الخاصة دون تشكيل قوة ثقافية لها صوتها األعلى.