Okaz

ال س ارد ال ش ا ع ر

-

مــــعــــًا. فـــــــإن روايته «دمــــــشـ­ـــــق76» عــمــلــت على ذلـك من خـالل سـرد جديد يكشف وعي السلطة مــن خــالل تعريتها بأساليبها، وبناها البالغية والرمزية الزائفة، ليعيد تشكيلها، بحوار عقالني، متعدد املستويات والخطابات بني مونولوج الــذات، وفكرها، وكـشـف السلطة ومـحـاولـة تغييب هــذه الـــذات وتشويه عقلها وما تفكر به من جهة. ومن خالل عمل نادر تقوم به هذه الذات املبدعة بصهر األجناس األدبية في شكل الرواية من جهة أخرى. وربما تبرز أهمية هذا العمل وندرته في كون خطابه من لدن خليل النعيمي وحــده، لـدن فكره ووعيه الجمالي في انبثاق

واحد. ربما يدفع إلى الثورة، ولكن ال يورطها في انفعال الـذات املتمردة غير الواعية إلمكانية الثورة بسبلها السلمية والعقالنية – العقالنية في نقلتها التاريخية من طور إلى طور أكثر تحّّررًا! ربما ذكرت الوعي الجمالي لحضوره املؤكد لدى جميع املبدعني - وطبعًا ليس بشكل متشابه ومتساو- وربما فيما تـقـدم مـن كتابتي هنا تظهر تلميحات إلــى تركيب هذا

وتـعـدد مشاغله ومهامه. غير أن عمل خليل النعيمي يذهب أبعد بكثير من مقولة فريدريك نيتشه في كتابه (مولد التراجيديا): «الوجود والعالم ال يمكن تبريرهما سوى كونهما ظاهرة جمالية فقط»، يذهب خليل النعيمي أبعد من ذلك حتى فـي سفره وتـرحـالـه فـي دول هــذه األرض ومدنها التي يرغب أن تكون قريته الكوسموبول­يتية الصغيرة على ما يبدو. فهو ال يبرر هذا الوجود بالجمال وإن كان يرى فيه متعة ودافعا للحركة. وقد تبدو حركة خليل النعيمي في املكان معتادة، حتى لو أراد أن يمنحها معنى مختلفًا كلقاء روح العالم جسديًا، أو كما يـرى في نص «بـخـارى.. جمال الــروح» هـذا اللقاء ومضًا. وربــمــا سـيـكـون إثـــراء لـنـا –نـحـن الــقــراء- أن يـجـد هــذا الومض معادله اإلبداعي في سفر الكتابة. وهذا يفسر تجدد األدبية – حسب تودورف- في سردياته دائمًا، فال يمكن قراء ة رواية له على نمط رواية أخرى. إنه يكتب ومضًا، على شكل انبثاقات سردية ال

ّّ تكف عن استكشاف املـــزيــ­ـد مـــن الوميض وتوسيع إشعاع إشراقاته. ألــيــس هـــذا اإلشـــــر­اق اإلبـــداع­ـــي هو الشعر؟ وإن كــان كـذلـك، ملــاذا يقول خليل الـنـعـيـم­ـي فــي نــصــه عــن رحــلــة بـــخـــار­ى: «أحب أن أبــقــى... فـي الالانتماء إلــى تـاريـخ مملوء بالشعر وبالغيب»؟. من الواضح أن ما ينكره خليل النعيمي على الشعر هو ميتافيزيقت­ه. وخليل النعيمي يريد الحضور في الوجود الفيزيقي حتى من خالل شعره. وهذا ما يمكن قراءته في كتابه األول (صور ردود ألحد أفراد العالم الثالث) منشورات دار الكندي، دمشق، ،..1968 وكـان شعرًا، فهل غاب الشعر عن الحضور في روايـاتـه؟. سـؤال يجيب عليه خليل النعيمي من خالل هذه الروايات ذاتها. حتى أنني كتبت عن هذه الشعرية –كما يراها منظروها من أرسطو حتى اآلن - من غير أن أسميها. ولكن، بعد قراءتي لروايته (القطيعة)، أرى حضور الشعر في هــذه الــروايــ­ة أكثر توهجًا وغــنــاء. إنــه حضور مباشر، ال على سبيل البناء وال على سبيل األسلوبية الشعرية أو األدبية. إنه حضور جسدي للشعر بلحمه ودمه. و ال أستطيع حياله سوى التفكير مــجــددًا بـكـل مــا قـالـه مـنـظـرو الـشـعـر والـشـعـري­ـة حتى أستطيع مقاربتها. مقاربتها التي تجعلني على تماس مباشر مع وميض اللغة العربية في أبهى تجلياتها اإلبداعية التي أعمل عليها حاليًا. * شاعر سوري

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia