إسالم للدولة ال عليها

يتصور البعض أن اإلسالم من حيث املمارسة (التدين) ينقسم إلى إسالمات شعبية، ورسمية، ومستقلة، وهذا التصور خاطئ عند إنزاله على الواقع، ألن اإلسـالم واحـد يدخل فيه الناس جميعًا بشهادة أن ال إله إال الله وأن محمدا رسول الله. السياق التاريخي لنشوء الـدولـة اإلسـالمـيـة عبر أربـعـة عشر قرنا يؤكد أن الحكم وأهله عرف، ولذا تدرس السياسة مع علم االجتماع، وفي زمن النبوة لم تقم دولة بمفهوم الدولة املعاصرة، وإن جمعت الزكاة، وسيرت الجيوش، وطبقت الـحـدود، فاإلجماع انعقد على أن النبي عليه السالم فضل النبوة على امللك. الدول قامت الحقًا إما على عقيدة (أيديولوجية) أو على بناء عائلي، أو على فكرة اقتصادية، ومـع كل دولــة تؤسس أو كيان يقام هناك حركات دينية تنشأ تحت مظلة الدولة وتحتمي بحمايتها وتعلن الوالء لها دون أي تجاوزات. لم تكن للجماعات واألفكار الوطنية املنتمية للمكان ووالؤها للسلطان أي نزعات أو مطامع سلطوية، بل غاية ما هنالك إقامة شعائر وتحقيق هدف الدعوة إلى الله بالتي هي أحسن. بــدايــة الــشــرور ظـهـرت مــع الـحـقـب املــتــأزمــة، والــتــي تبنت فيها جماعات (التفسيري الثوري) للنصوص، وبـررت لنفسها سفك الدماء، واستباحة األعــــراض، وغيبت هــذه املنظومات عـن غالبية املجتمع أن الــدولــة عرف اجـتـمـاعـي ولـيـسـت كـيـانـًا ديـنـيـًا، وهـــذا الــعــرف هــو تــطــور ملـفـهـوم الحكم األسري والعائلي والقبلي. املوقف من السلطة أي سلطة ال ينبغي أن ينطلق من تكتيك وبراغماتية كما يذهب اليسار، وال أن يتلبس االستغالل واالنتهازية كما يفعل اليمني، بل يجب أن يكون موقفًا منطقيًا قائمًا على حساب املصالح، ثم شرعيًا بحكم وجوب طاعة ولي األمر، ثم قانونيًا بحكم واجبات وحقوق املواطنة. اململكة دولة خدمت اإلسالم، وحققت للمسلمني األمن، مواطنني، ومقيمني، وحجاجا ومعتمرين وزائرين، وقضت على الجهل، ونشرت العلم، ووفرت العالج، وعممت الخدمات، وعندما يريد البعض أن يزايد على دولتنا، نقارن بني ما حققته الدولة السعودية منذ عهد املؤسس، وما حققه هؤالء. الدولة السعودية خدمت الناس واإلسالم، وأؤلئك خدموا باإلسالم أنـفـسـهـم، وعــنــدمــا يــحــاولــون الــيــوم الـتـشـويـش علينا بفكرهم الخارجي نقول إن اإلسالم أتى لتعزيز دور الدولة. اإلسالم لها ال عليها، والنبي عليه السالم قال: (من أتاكم وأمركم جميع على رجل منكم يريد أن يشق عصاكم فاقتلوه).