Okaz

اتفاق تعاون بني رابطة العالم اإلسالمي والفاتيكان

أكدا ضرورة الحوار في عالم أصبح أكثر تعددا لألعراق والديانات والثقافات

- «عكاظ» (الرياض)

وقـــع األمـــني الــعــام لـرابـطـة الـعـالـم اإلســامــ­ي الشيخ الــدكــتـ­ـور مــحـمــد بـــن عــبــدالـ­ـكــريــم الــعــيــ­ســى ورئيس املجلس البابوي للحوار بني األديــان في الفاتيكان الكاردينال جان لويس توران، اتفاق تعاون لتحقيق األهداف املشتركة، متضمنة إنشاء لجنة عمل دائمة بـــني املــجــلـ­ـس الــبــابـ­ـوي والـــرابـ­ــطـــة، بــرئــاسـ­ـة كـــل من الكاردينال توران والدكتور العيسى. ويــأتــي هــذا االتــفــا­ق تتويجًا لـلـتـعـاو­ن الـسـابـق بني الجانبني، بعد زيارة األمني العام للرابطة للفاتيكان فــي سبتمبر مــن الــعــام املــاضــي، ولــقــائـ­ـه مــع البابا فرنسيس والـكـاردي­ـنـال تـــوران، إضـافـة إلــى الزيارة األخيرة للكاردينال توران إلى اململكة بني 13( - )20 إبريل الجاري. وتـــضـــم­ـــن االتـــــف­ـــــاق كــــذلـــ­ـك اتــــفـــ­ـاق الـــطـــر­فـــني على إنــشــاء لـجـنـة تنسيقية تلتقي سـنـويـًا للتحضير لاجتماعات وتضم شخصني من كل طرف، على أن تلتئم اللجنة املشتركة مرة كل عامني، ويكون مقر اجتماعاتها بالتناوب بني روما ومدينة تختارها رابطة العالم اإلسامي. كــمــا نـــص االتــــفـ­ـــاق عــلــى أن يـــصـــدر طـــرفـــا­ه إعانًا ختاميًا في نهاية كل اجتماع للجنة العمل الدائمة، وأن تكون الجلسات االفتتاحية والختامية مفتوحة لوسائل اإلعام. وأكــد االتـفـاق ضــرورة الـحـوار فـي عالم أصبح أكثر تــعــددا لـــأعـــر­اق والـــديــ­ـانـــات والــثــقـ­ـافــات؛ واإليمان بـالـروابـ­ط الدينية والـروحـيـ­ة الخاصة القائمة بني املــســيـ­ـحــيــني واملــســل­ــمــني، وضـــــــر­ورة إقـــامـــ­ة عاقات احـــتـــر­ام وســــام مــثــمــر­ة بــيــنــه­ــم؛ إضـــافـــ­ة إلـــى الدور املـهـم الــذي يضطلع بـه املجلس البابوي فـي تعزيز عــاقــات بــنــاءة مــع املـؤمـنـن­ي مــن الــديــان­ــات األخرى، والدور املتميز لرابطة العالم اإلسامي على مستوى الشعوب اإلسامية، وفي مجال الحوار بني األديان. وكان األمني العام للرابطة استقبل في الرياض رئيس املجلس البابوي للحوار بني األديـان في الفاتيكان، وجـرى خـال اللقاء بحث عـدد من املوضوعات ذات االهتمام املشترك. وأشــــاد رئــيــس املــجــلـ­ـس الــبــابـ­ـوي بــجــهــو­د الدكتور الــعــيــ­ســى، مــنــذ تــعــيــي­ــنــه عــلــى رأس رابـــطـــ­ة العالم اإلسامي، في قيادة مبادرات لتعزيز العاقات وبناء الــجــســ­ور بــشــعــو­ر فــيــاض مـــن االنــفــت­ــاح والحماس والــتــصـ­ـمــيــم، وقـــــال: «لــيــس فـــي نـيـتـي هــنــا أن أقدم قائمة بمبادراتكم العديدة، إال أنني على إدراك تام بما تقدمونه مــن أفـضـل الـجـهـود لجعل منظمتكم وبــرامــج­ــهــا، تـعـكـس حــقــا مــا يـعـنـيـه اســمــهــ­ا، حلقة وصــل، ليس بـني املسلمني فحسب، بـل مـع املؤمنني بـــالـــد­يـــانـــا­ت األخــــــ­ـرى، وبــصــفــ­ة خـــاصـــة املسيحيني لتحقيق األهداف املشتركة». ونــوه إلــى أن توقيع االتـفـاق بـني الـرابـطـة واملجلس الـــبـــا­بـــوي، خــطــوة ذات مــغــزى فـــي رحــلــة الصداقة والتعاون الذي نعمل من أجله، داعيًا الله أن يبارك الجهود لتحقيق صالح اإلنسانية جمعاء. وأضـــــــ­اف: «إن نــفــس الــعــنــ­ايــة اإللــهــي­ــة الـــتـــي قادت خطاكم إلى روما ملقابلة البابا فرانسيس واملجلس الـــبـــا­بـــوي، هـــي الـــتـــي جــمــعــت­ــنــا الـــيـــو­م فـــي اململكة، مــهــبــط اإلســــــ­ــام وبـــلـــد الـــحـــر­مـــني الـــشـــر­يـــفـــني، أهم مـكـانـني مـقـدسـني بالنسبة للمسلمني. حـيـث القبلة التي يـولـي املسلمون إليها وجوههم أينما كانوا، ويستديرون إليها ضارعني إلى الله. ونحوها يشد مايني املسلمني رحالهم للحج والعمرة». وأوضح أن جميع األديــان تضم حكماء معتدلني، ويعتنقها أيضًا أصوليون متطرفون، حــادوا عن جــادة الفهم السليم والحكيم ألديانهم؛ يلغون كل من ال يشاركهم رؤاهـــم، ويـتـحـولـ­ون بسهولة إلــى العنف واإلرهاب باسم الدين، فيسيئون ألنفسهم ويدمرون اآلخرين ويشوهون صورة دينهم وإخوانهم املؤمنني، مؤكدًا في هذا السياق أهمية التعاون ليسود العقل والفهم السليم. وتطرق الكاردينال توران، إلى دعوة اآلخرين لأديان كضرورة دينية مدفوعة بالحب، مستشهدًا بـــاألمــ­ـر الـــقـــر­آنـــي «ادع إلـــــى ســبــيــل ربـــــك بالحكمة واملوعظة الحسنة» التي تضع قاعدة أخاقية يقبلها املسلمون واملسيحيون، مشددًا على أهمية استبعاد الـفـرض والتهديد والعنف والتوظيف الاأخاقي للعمل اإلنساني أو غيره في هذا السياق. ولفت إلى ضــرورة تحقيق مبدأ «املواطنة الكاملة» لجميع املـواطـنـ­ني، الـتـي تعد عتبة لكل الـبـلـدان في عــالــم أصــبــح مــتــشــع­ــب األديـــــ­ــان والــثــقـ­ـافــات بصفة مــتــزايـ­ـدة، واتـــبـــ­اع الــقــاعـ­ـدة الــذهــبـ­ـيــة املـــوجــ­ـودة في اإلسام واملسيحية واألديان األخرى، «والتي تحفزنا عــلــى أن نــعــامــ­ل الـــنـــا­س كــمــا نــريــد أن يعاملونا». وحض الزعماء الدينيني، على تجنيب األديان خدمة أيــديــول­ــوجــيــا­ت ضــيــقــة، مــع الــســعــ­ي لـنـشـر التربية والوعي الديني السليم، واإليمان بالتعددية ورفض الــعــدوا­نــيــة والــجــهـ­ـل والــتــهـ­ـجــم عــلــى أتــبــاع األديان األخرى، واتخاذ اإلرهاب عدوًا دائمًا مستمرًا يرفض كل هذه املبادئ، وال يمكن تبريره بدوافع دينية. وقـــــال: «إن الــتــهــ­ديــد الــــذي يـحـيـق بــنــا لــيــس صدام الحضارات، إنما هو مواجهة الجهل والراديكال­ية، أمــا مـا يهدد الحياة كليًا فهو الجهل أوال؛ لــذا فإن االجــتــم­ــاع والــتــحـ­ـدث لـبـعـضـنـ­ا، ومــعــرفـ­ـة بعضنا، والــبــنـ­ـاء ســويــا نـحـو األهــــدا­ف املـشـتـرك­ـة، هــي دعوة ملواجهة اآلخر، وأيضًا اكتشاف أنفسنا». وجــدد رئـيـس املجلس الـبـابـوي، اإلشـــادة بالجهود التي تبذلها رابطة العالم اإلسامي لتعزيز العاقات اإليجابية والبناء ة مع أتباع األديان األخرى وخاصة املــســيـ­ـحــيــني، مـــؤكـــدًا دعــــم الــفــاتـ­ـيــكــان وتشجيعها لهذه الجهود، نظرًا لأواصر التي تجمع املسلمني واملـسـيـح­ـيـني واألهــمــ­يــة الــعــددي­ــة للمنتمني لهاتني الــديــان­ــتــني، إضــافــة إلـــى تــجــاوره­ــم املـعـيـشـ­ي سويًا فـي غالبية بـلـدان الـعـالـم. وختم بـالـقـول: «علينا أن نختار بني عاقات سلمية وحميمة، أو -ال سمح اللهعاقات متأزمة، إن السام في العالم يتوقف كثيرًا على السام بني املسيحيني واملسلمني».

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia