غرابة التعاطف مع إسرائيل..!
من األمور املستغربة في أقوال وأفعال بعض األكاديميني والساسة الغربيني، وخــاصــة أولــئــك الدبلوماسيني الــذيــن يمثلون دولــهــم، أو يمثلون التكتالت السياسية الغربية الرئيسة، مثل: االتحاد األوروبــي، وحلف ناتو، وغيرهما، هو هذا التأييد (األعمى) إلسرائيل، ولجرائمها. معظم هؤالء يدافعون عن الكيان الصهيوني تمامًا، وباستماتة، كما يدافع أي صهيوني متحمس عنه. حتى ليخيل للحاضرين أن الحديث يتم مع إسرائيليني، من أحفاد بن جـوريـون، وهرتزل وأشـكـول... إلـخ. وهـم - كما الصهاينة الحقيقيني - يلتفون على الحقائق، ويلوون املنطق... بما يظهر إسرائيل كحمامة سالم بريئة وادعة... قدر لها أن تقع وسط غابة من الوحوش، واإلرهابيني الذين يتربصون بها الدوائر، وينكرون عليها حقها في التواجد، وحقها في «الدفاع عن نفسها»...؟! أغلب ما يسمع من هؤالء هو: تمجيد إلسرائيل (وإنجازاتها) وتبرير لسياساتها اإلجرامية. يتناسى هؤالء أن هناك شعبًا أقيم الكيان الصهيوني عنوة على أرضه... وتم إحضار أناس ال صلة حقيقية لهم بفلسطني واملنطقة ليحلوا مكان الشعب الفلسطيني. وفي منطق بعض هــؤالء، فإنه ال يوجد شعب اسمه الشعب الفلسطيني...؟! وكأنهم يقولون: إن اإلسرائيليني (وليس الفلسطينيني) هم من عاشوا في هذه البقعة (التي يصرون على تسميتها بـ «إسرائيل») على مــدار 3 آالف عــام املـنـصـرمـة... وفـجـأة، ومنذ بـدايـة الـقـرن العشرين، بــدأ الفلسطينيون يهجمون على فلسطني، في هجرة استيطانية - استعمارية... هدفها: استئصال سكان البالد األصليني، وتشريدهم وقتلهم، ونهب أرضهم وممتلكاتهم...؟!
*** واألدهـــى مــن ذلــك: أن هــؤالء يـنـظـرون إلــى الــعــرب، وكــل قـضـايـاهـم، مــن املـنـظـور اإلسرائيلي الصهيوني. فكل ما تقوله إسرائيل عن العرب ودينهم وحضارتهم يصدقونه، ويعتبرونه حقائق مسلمًا بــهــا...؟! واألمــر ال يقتصر فقط على الـصـراع العربي – اإلسرائيلي وحقائقه وتــطــوراتــه، بــل يمتد ليشمل املــصــادقــة عـلـى معظم مــا تـقـولـه إســرائــيــل (وتـفـعـلـه) عــن هذه األمة...؟! ملــاذا يتحمس هــؤالء، ومنهم غربيون (فرنسيون، أملــان، إنجليز، أمريكان، كـنـديـون... إلخ). كما أن منهم عربًا... إلسرائيل هكذا؟!، ويدافعون هذا الدفاع املستميت عن جرائم هذا الكيان الفاضحة، وغير املسبوقة...؟! هناك، في الواقع، عدة احتماالت (أسباب) أهمها: -1 أنهم يعشقون اليهود والصهاينة. -2 أنهم يكرهون العرب واملسلمني. -3 أنهم يكرهون الطرفني، ويريدون إشغالهم. ولهذا، يحرصون على استمرار هذا الصراع (التاريخي) بني الجانبني، عبر استمرار ظلم طرف لآلخر. 4 - أنهم يستخدمون ذلك الكيان كقاعدة متقدمة ضد هذه األمة. والحقيقة، أن التأييد الغربي للكيان الصهيوني له أسباب تاريخية وسياسية واقتصادية واجتماعية معروفة، وإن كان أغلبها غير مبرر. فالغرب املتصهني يتحمس إلسرائيل لكل ما ذكر من أسباب أعاله. أمــا تـأيـيـد بـعـض الــعــرب للصهيونية، وهــو تـأيـيـد صـــادر مــن قـلـة قليلة تـافـهـة فــي عاملنا العربي، فيثير التعجب واالسـتـغـراب البالغ، واالسـتـيـاء العميق، خاصة بعد أن مـد العرب أيديهم للصلح والتسوية، وجنحوا للسلم، ووافـقـوا على «حـل الدولتني». ويعود اإلعجاب العربي بالصهيونية ألسباب نفسية وأخالقية غير سوية أصال. ويندرج العربي املتصهني ضمن إحـدى الفئات التي تتواجد غالبًا في البالد املغلقة. فهو: إما جاهل بحقيقة الحركة الصهيونية، وكونها تستهدف كل األمة، وليس فلسطني وحسب، أو منافق، أو يسعى لتحقيق منافع آنية خاصة به، دون اكتراث بمصالح وطنه وأمته. وربما ال يدرك أن عشمه في إسرائيل، كعشم إبليس في الجنة... *** ومن أكثر املواضيع التي يتحمس لها هؤالء «املتصهينون» هي: التسلح النووي اإلسرائيلي. فمن حق إسرائيل (في رأيهم) أن تمتلك سالحًا نوويًا ضاربًا، يغطي العالم العربي، من املحيط إلـى الخليج، وتحوز كل األسلحة الفتاكة املمكنة. ولكن ليس من حق أي دولــة باملنطقة أن تمتلك أي قدرة تقنية... يمكن أن تهدد إسرائيل بها، مستقبال. وحبذا لو ينزع حتى السالح التقليدي مـن أيــدي أولـئـك الـذيـن «يـرهـبـون» إسـرائـيـل. بالطبع، هـم ال يقولون هــذا صراحة غالبًا... فلم تبلغ الوقاحة عندهم، أو عند أغلبهم، هذا الحد من االستخفاف املهني بالعقول العربية. ولكن لسان حالهم يقول ذلك وأكثر... أعتقد أنه يتوجب على املثقفني العرب تفنيد هذه األكاذيب، واملغالطات، حتى وإن كان أغلبها ال يستحق، في الواقع، مجرد املناقشة. ولكن، ال بد من فعل ذلك، ولو من قبيل التذكير، ولكي يـعـرف غير املتصهينني حقيقة األمـــر... وللتفكير بما يجب أن يعمله الـعـرب ملواجهة هذا االفتراء، بالحقائق الصحيحة. وكذلك التنويه بـأن: اشتداد ساعد إسرائيل سيجعلها (كما هو ديدنها) تبتز حتى الغرب - ولي نعمتها - وتهدده هو أيضًا. سـاذج من يعتقد أن أذى إسرائيل سيقتصر – في املدى الطويل – على الفلسطينيني، أو حتى العرب وحسب... ؟! الدولة الفلسطينية املستقلة هي الطوق الذى سيحجم من التوسع اإلسرائيلي، ويحصر هيمنتها في نطاق محدود، يكفي العرب والعالم كثيرًا من شرور الصهيونية.
قال وقلت:
قــــال أحــــد املــتـصــهــيــنــني الفلسطينيني». قلت: ال أعتقد أنك جاهل. ولكنك هنا «تتجاهل» كون هذه القضية إنسانية عربية إسالمية، قبل أن تكون فلسطينية... كما أراك تأمن الصهيونية، وال تخشى من استمرارها كما هي. الــــعــــرب: «الــقــضــيــة الــفــلــســطــيــنــيــة ال تــعــنــيــنــي. أنــــا ال أتــعــاطــف مع