السرورية تتنفس!
أثـــار مقطع فـيـديـو فــي إحـــدى مـــدارس الــريــاض لغطًا واسعًا بـني أطـيـاف املجتمع حـني ظهرت صغيرات يتدثرن بالسواد ويغطني وجوههن ويرددن هتافات «حجابي نجاتي» ويحملن الفتات كتب عليها «شعيرة لن تندثر» و«حجابي تاج رأسي» في مسيرة أشبه باملظاهرة داخــل املـدرسـة بتنظيم وتصوير معلماتهن، ويأتي ذلك امتدادًا لحالتي الجدل والسجال اللتني أحدثهما خــروج وكيلة وزارة التعليم لتعليم البنات د. هيا الـــعـــواد كــاشــفــة وجــهــهــا فــي املــنــتــدى الـــدولـــي لـلـتـعـلـيـم، فكان الهجوم شرسًا وممنهجًا ضدها، وهذه املظاهرة من مفرزاته. كتبت في مقال سابق أن العباءة السوداء ليست إلزامًا دينيًا، بل عادة وتقليدًا متوارثًا رسخته بعض العادات واملوروثات االجتماعية لتتلقفها الصحوة فتكرسها كفرض ديني ضمن مـشـروعـهـا األيــديــولــوجــي فــي إخــفــاء املــــرأة وطــمــس هويتها، وشعيرة يجب الحفاظ عليها من عبث العابثني من ليبراليني وعلمانيني ومفسدين إلخ، والطرح هنا ليس عن تاريخ العباء ة وجواز غطاء الوجه من عدمه، بل عن كيف تم توظيف الحجاب بدوغمائية وقطعية متزمتة للتحريض بـني فـئـات املجتمع الــتــي تـضـم فــرقــًا ومــذاهــب ومـــــدارس فـقـهـيـة مـخـتـلـفـة، وخير مـكـان تــغــرس وتــؤجــج بـهـذه الـنـعـرات هــو مـؤسـسـات التعليم التي تحتضن النشء منذ نعومة أظفاره حتى تخرجه، وهو وقـت كــاف لتأصيل الفكر الـسـروري الــذي ينبثق من التنظيم اإلخواني الحاضن لكل تيار أو تنظيم أو جماعة إرهابية، وهو فكر عصي على االستسالم تحت أي ظرف. السرورية فكر خبيث املنشأ واألهـــداف، يتسلل وينمو حيث يجد البيئة الضامنة للعمل بخفية وسرية، وتمدد هذا الفكر في مؤسسات التعليم أمر ال يخفى على الجميع، ولكن الذي يخفى على البعض أن دهاقنة السرورية النسائية أكثر مرونة وأخطر تمددًا في نشر فكرهن بني أوســاط النساء خصوصًا الطالبات ومنسوبات التعليم، ورغم جهود الدولة في محاربة هذا الفكر إال أنه فكر ال يستسلم كما أسلفت وال يرفع الراية، قـد يــتــوارى فـي حـالـة «كــمــون» ولكنه ال يـمـوت قطعًا، وكيف ننتظر ممن كـانـت جحافلهم تتجمهر أمـــام مكاتب الوزراء إلقصاء املرأة والتأليب ضد حقوقها أن يختفي أو يموت في يوم وليلة؟ كنت قد طرحت اقتراحًا على وزير التعليم في تويتر، وأكرره هنا بما أن الوزارة جادة في اجتثاث هذا الفكر املتطرف: ملاذا ال يتم استحداث «نظام تبليغ» برقم الهوية عن أي حراك أو مناشط تحمل فكرًا ممنهجًا في مؤسسات التعليم مشابه في آليته لنظام مكافحة الفساد، ويرتبط بمسؤول يشهد له باالعتدال الفكري في الوزارة ويعمم ذلك في وسائل التواصل مع ضمان السرية وحفظ معلومات املتعاون، أو ربط التبليغ بلجنة رقابية داخــل الـــوزارة وتتبع أمـن الـدولـة، كذلك العمل على خطة لتغيير اإلدارات املـدرسـيـة وتفعيل نـظـام املراقبة بالكاميرات داخل الفصول وأماكن ممارسة األنشطة املعروفة كاملصليات. أخيرًا.. كما يحمي جنودنا حدود وطننا من أي خطر خارجي، فنحن جنوده في الداخل ولزامًا علينا حمايته من املخاطر املحدقة وأهمها الخطر املتمثل «بالسرورية»، فبلغوا عن أي حراك أو نشاط مريب فهذا أعظم احتساب!