اإلميان طريق الطمأنينة

التسليم لله هو الطريقة الوحيدة للخروج من ظروف الــحــيـــــاة املـــأســـاويـــة الــتــي ال حــــل وال مــعــنــى لــهــا، وهو استجابة مثيرة للقضية اإلنسانية الكبرى التي تنطوي في جوهرها على املعاناة التي ال بد منها، اإليمان بالله والتسليم لـه واالعــتــراف بـالـقـدر يعطي قــوة وطمأنينة جــديــدة، دون اإليــمــان بــالــقــدر يمتلئ املــكــان بالتشاؤم واالنهزامية واليأس واإلحباط. اإلسالم هو الدين الكامل األوحد الذي شرعه الله لعباده ورضيه لهم، والدين الذي ال يقبل من أحد دينًا سواه وال نجاة ألحد يوم القيامة إال به. وروى اإلمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه، في كتاب اإليمان باب وجوب اإليمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الرسل ونسخ امللل بملته، حديثًا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «والذي نفس محمد بيده ال يسمع بي أحد من هذه األمة يهودي وال نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إال كان من أصحاب النار». وقــال رســول الله صلى الله عليه وسلم: «مـن أحــدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، ومعنى رد أي مردود، فــهــذا الــحــديــث مــن قــواعــد اإلســــالم األســاســيــة والــتــي ال غنى للمسلم عن معرفته، فكل عمل ال يوافق الشرع فهو مردود على صاحبه ال يزيده من الله تعالى إال بعدًا ولن يؤجر عليه وال ثواب له به، فإن لم تستوعب هذا فتأمل حديث املسيء في صالته الذي رواه البخاري ومسلم. من حـديـث أبــي هـريـرة رضــي الـلـه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل أساء في صالته: «ارجع فصل فإنك لم تصل» فرجع فصلى 3 مرات، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول له: «ارجع فصل فإنك لم تصل» ثم علمه كيف يصلي، والشاهد من حديث املسيء في صالته أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر صالته التي على غير سنته كعدمها، مع أنه صلى 3 مرات لكن قال له: «ارجع فصل فإنك لم تصل»، فما أعظم هـذا الحديث والــذي خط لنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم أعظم قـاعـدة وهــي أن العمل ال يكون مقبوال عند الله تعالى ما لم يكن شرعيًا موافقًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم. من العجيب حقًا أن كثيرًا من الناس إذا منعهم الطبيب مما يشتهون ويــحــبــون بـسـبـب مـــرض أصــابــهــم، تــراهــم يستجيبون ويذعنون لتعليمات الطبيب، دون مراجعة أو اعتراض، رغـــم شـــدة تعلقهم بـمـا امـتـنـعـوا عــنــه، وفـــي املــقــابــل إذا دعاهم الخالق إلى ما فيه صالحهم واستقامتهم، تراهم يحاولون التفلت من التكاليف وعدم االنقياد والتسليم ألحكام الله.