Okaz

امليراث توزيع قرآني حكيم

- محمد الحساني * mohammed.ahmad568@gmail.com * كاتب سعودي

جاء ذكر العبادات واملعامالت في القرآن الكريم مــجــمــا­ل وتــــولــ­ــى املــصــطـ­ـفــى صــلــى الـــلـــه عليه وســلــم وبــوحــي مــن الــلــه تفصيل مــا أجــمــل من حيث عـدد الصلوات وركعاتها وطريقة أدائـهـا ومـا لها من أركـان وواجبات وسنن وكذلك الزكاة وحصصها ونسبة ما يستطيع مـن املــال لصالح الثمانية املستحقني لها، وهناك بعض التفصيل في قضايا النكاح والطالق والحج والصيام ولكن السنة النبوية املطهرة أكملت وعززت تلك التفاصيل من خالل فعله وقوله أو إقـراره عليه الصالة والسالم، إال قضية الـتـوريـث فــإن الــقــرآن الـكـريـم فصلها تفصيال دقيقًا وغطى جميع حاالتها وأحوالها حتى شملت «الكاللة» وهو الرجل أو املـرأة اللذان ال وارث لهما من أبناء وإن نزلوا أو آباء وإن علوا وكان في ذلك التفصيل حكمة ربانية التزم بها املسلمون على مدى أربعة عشر قرنًا، وإن أراد أحد منهم التحايل على القسمة الربانية ردعه القضاء وأعاده إلى صوابه بتحكيم ما جاء في كتاب الله من توزيع عادل حكيم محكم لتركة املتوفى ذكرًا كان أم أنثى. ولكن بعض املسلمني لم يعجبهم في اآلونة األخيرة التقسيم اإللـهـي الـقـرآنـي للتركة فـتـنـادوا بـمـسـاواة الـرجـل واملـــرأة في املــيــرا­ث، وفــي ذلــك اعـتـراض مباشر وقـمـيء ملـا جــاء بـه الذكر الحكيم من توزيع للميراث، وفيه إعجاب بـالـرأي وبقوانني دول غير إسالمية واعتبار تلك القوانني واآلراء أكثر إنصافًا لـلـمـرأة مـمـا حــدد لـهـا الــقــرآن الـكـريـم مــن تــركــة، وفـيـه إصرار على الحكم بغير ما أنزل الله في الكتاب وبما جاء في السنة النبوية املطهرة من بيان وتوجيه، وفيه خروج على مقتضى سلوك املؤمنني الذين تربوا على االلتزام بما جاء في كتاب الـلـه وسـنـة نبيه مـن أحـكـام شرعية فــإذا قضى الـلـه ورسوله أمـرًا لم يكن لهم الخيرة من أمرهم، فـإذا كـان هـذا هو موقف املعترضني على التقسيم الواضح الصريح للميراث فما هو املتوقع منهم إزاء ما جاء مجمال من آيات نزلت في العبادات والتعامالت، وهـل سيأتي أشقياء منهم يدعون إلـى تنحية القرآن الكريم والسنة املطهرة جانبًا وتطبيق قوانني وضعية يرون أنها أصلح لهم من األحكام القرآنية والنبوية وما هو الوصف املناسب ملن يعتقد بذلك؟ ولو افترضنا أن دولة أو جماعة طبقت قانون مساواة املرأة بالرجل في امليراث تاركة حكم الله وراء ظهرها، فهل ستكون جميع النساء الــوارثــ­ات مـسـاويـات لجميع الـرجـال الوارثني املستحقني لتركة املتوفى أم أن املساواة سوف تطبق بطريقة انتقائية ؟ وللتوضيح أضرب مثال سهال فلو أن رجال توفي وله ابنتان وزوجة وخمسة من اإلخوة الذكور فإن التقسيم الرباني هو أن لالبنتني ستة عشر قيراطًا من أربعة وعشرين قيراطًا أي أن لالبنتني الثلثني وللزوجة الثمن وهو ثالثة قراريط ولكل واحد من إخوته الخمسة قيراط واحد فيكون نصيب كل ابنة في هذه الحالة ثمانية أضعاف نصيب األعمام من الرجال. أمــا إذا طبق مـبـدأ املــســاو­اة الــذي يـدعـو إلـيـه بعض الجهالء فإن الزوجة تأخذ ثالثة قراريط وكذلك كل ابنة ويبقى خمسة عشر قيراطًا يكون نصيب كل ذكر وارث منهم ثالثة قراريط، فبدل أن تأخذ البنتان ثلثي التركة يكون لهما ربعها فقط ال غير! وأخيرًا فسواء أخـذت األنثى أقل أو أكثر من الرجل فإن على نساء املسلمني ورجالهم أن يرضوا بما حكم الله لهم، فإن لم يفعلوا وتمادوا في االعتراض على ما جاء في القرآن الكريم أو مـن الثابت مـن السنة النبوية املطهرة فذلك هـو الضالل البعيد.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia