آخر أيام النظام في الدوحة
لم يعلق اإلعام الرسمي القطري وال الشخصيات القطرية الرسمية على ما جاء في تصريح وزير الخارجية السعودي عـادل الجبير، ليس فقط ألن التعليق سيدخلهم في حرج ومواجهة مع الحقائق التي جاء ت في تصريح الجبير بل أيضا ألن النظام في قطر جرب كل شيء وخاض في اللعبة اإلعامية وحروب التصريحات واملــنــاورات السياسية وشــراء افتتاحيات الصحف العاملية، لكن شيئا من الـواقـع لم يتغير واملقاطعة تقترب من إكمال عامها األول وسـط ازديــاد عزلة النظام وخسائره ومصيره غير الواضح. فــي الــواقــع لــم يخطر بـبـال الـنـظـام الـقـطـري وهــو يـقـوم بكل مغامراته التي تصاعدت منذ العام 2011 أن كل ذلك سيسقط رغم اعتماده على دعم من اإلدارة األمريكية آنذاك، ورغم أنه بدأ يجني بعض النتائج في ليبيا وفي مصر وغيرهما وبدا له أن كل شيء في املنطقة استجاب لذلك املخطط وبات واقعا ال يمكن تجاوزه. دول االعتدال واالستقرار في املنطقة، وعلى رأسها السعودية واإلمـــارات، وجـدت نفسها في مواجهة تاريخية ومصيرية، ولوال ذلك التحرك الضخم على كل املستويات لكانت املنطقة اآلن ركــامــا مــن الـفـوضـى واالقــتــتــال والـطـائـفـيـة، دخـلـت دول االستقرار في معارك سياسية واقتصادية وواجهت بكل قوة مشروعا يعتمد على نظرية سياسية غير واقعية ودعم دولي غير مسبوق وكيانات في املنطقة تحولت إلى أجهزة تنفيذية لذلك املشروع وعلى رأسها النظام القطري. أوبــامــا وفــريــقــه بـالـنـسـبـة لـنـا هــم لـيـسـوا الـــواليـــات املتحدة ولذلك حن ذهبوا تغير كل شيء، وانتصرت دول االستقرار في املنطقة حن تمكنت من إسقاط تلك النظرية السياسية ألوباما وفريقه وأثبتت أنها مجرد آراء نظرية ال تمت للواقع بصلة ولــن تجلب للمنطقة إال الــدمــار والــخــراب والطائفية واإلرهاب. بعد االنتصار العظيم وإسقاط النظريات املضطربة واستعادة الــدول املركزية العربية ومواجهة ما أنتجته تلك الفترة من ميليشيات وجماعات إرهابية والتي كانت ضرورية إلدارة كـل ذلــك املـشـروع وضــروريــة أيضا لتخويف العالم مـن عدم نجاحه، دعمت قطر مثا كثيرا من التنظيمات اإلرهابية في محاولة منها إلقناع العالم بأن اإلجهاز على الربيع العربي لــن ينتج ســوى تـلـك الـجـمـاعـات، صـدقـت بـعـض الــدوائــر في العالم ذلك مؤقتا لكن الواقع أثبت أنها لم تكن سوى أفعال املال واملؤامرات والنظريات غير الواقعية. حـــان وقـــت الــحــســاب واملــواجــهــة إذن، وعــلــى الـكـيـانــات التي اشــتــركــت فــي ذلـــك املـــشـــروع وبــخــاصــة الــقــريــبــة مــن املنطقة والـتـي استغلت قربها السياسي والـجـغـرافـي إللـحـاق األذى بــدول املنطقة أن تقف أمــام دول االعــتــدال واالســتــقــرار وقفة إصغاء واعـتـراف وتـراجـع واستعداد للحساب بعد ان ظلت تـمـثـل اخــتــراقــا جـغـرافـيـا وسـيـاسـيـا وعــامــل تـخـريـب وتآمر ضد األشقاء والجيران. حدث هذا جزئيا العام 2014 وأعلن النظام القطري التوبة وجاء للرياض مطأطئا معتذرا لكنه ما لبث أن عـاود سلوكه التخريبي التآمري، من الواضح أن نظام الدوحة ذهب بعيدا في ارتهانه لذلك املشروع وتورط إلى أذنيه وأصبح أقل حرية في خياراته وتوجهاته، مرتهنا لجماعات اإلسام السياسي ولبقايا امليليشات التي أنشأها ودعمها ولكثير من امللفات التي قاده إليها غباؤه السياسي. اليوم كل شيء يتغير في املنطقة وفي العالم والدوحة ال تزال تبحث عن مخرج وبعد أن جربت كل شيء لم يعد أمامها إال أن تصمت وأن تذهب بعيدا في الجنون السياسي، اليوم في الدوحة هناك األمريكان واألتراك واإليرانيون واإلخوان وأقل ما هناك هو القطريون. ال يوجد في الدوحة اليوم أي شيء مستقبلي واضح وكل ما يحدث هو مناورات وتحركات يومية تنتهي آثارها بنهاية اليوم ولكنها تعمق عزلة النظام وورطته، ولم يبق من أسباب تجعله قائما إال أنه جعل من الدوحة محطة إنـزال وصيانة للقواعد العسكرية.