اإلحلاد وآثاره السلبية على املجتمع
من أبرز املشكالت املعاصرة اإللحاد، وهو الكفر بالله وامليل عن طريق أهـل اإليمان والـرشـد، وظهور التكذيب بالبعث والجنة والنار وتكريس الحياة كلها للدنيا فقط، واإللحاد اليوم ظاهرة عاملية فالعالم الغربي في أوروبــا وأمريكا، وإن كان وارثـًا في الظاهر للعقيدة النصرانية التي تؤمن بالبعث والجنة والنار إال أنه ترك هذه العقيدة اآلن وأصبح إيمان الناس هناك بالحياة الدنيا فقط، وأصبحت الكنيسة مــجــرد تـــراث وأثـــر مــن آثـــار املــاضــي، وال تـشـكـل فــي حياة الناس وعقولهم إال شيئًا تافهًا، وأصبح اإللحاد هو الدين الرسمي املنصوص عليه في كل دساتير البلدان األوروبية واألمريكية ويعبر عن ذلك بالعلمانية تارة. وفـــي الــشــرق تــقــوم أكــبــر دولــــة عـلـى اإللــحــاد وهـــي الدولة الروسية التي تحمل العقيدة الشيوعية التي من بنودها رفض الغيب كله والقول إن الحياة مـادة فقط، وأن صراع اإلنسان في هـذه الحياة إنما هو من أجـل العيش والبقاء فقط، وأما الدول األخرى فبالرغم من أنه كان ينتشر فيها أديـــــان تــقــوم عــلــى بــعــض الــعــقــائــد الـغـيـبـيـة كالهندوكية والبوذية والكونفشيوسية إال أن هذه األديـان اختفت اآلن تقريبًا أمام مد اإللحاد الغربي والحياة العصرية. وبـالـرغـم مـن أن الـعـالـم اإلســالمــي مـا زال يتمسك نـوعـًا ما بـاإلسـالم ويقر بالتوحيد ويؤمن بالبعث والجنة والنار إال أن موجة اإللحاد العارمة تطغى عليه من بعض جانب، وتشكك أبناء ه في دينهم وعقيدتهم. ونذكر بعض آثـار اإللحاد في حياة اإلنسان ومنها القلق والحيرة واالضطراب والصراع النفسي. وذلك أن داخل كل إنـسـان منا فـطـرة تلح عليه، وأسـئـلـة تتلجلج فـي صدره: ملاذا خلقنا؟ ومن خلقنا؟ وإلى أين نسير؟ وإذا كانت زحمة الحياة، وشغلها الشاغل يصرف اإلنسان أحيانًا عن اإلمعان في جواب هذه األسئلة، والبحث عن سر الحياة والكون فإن اإلنسان يصطدم كثيرًا بمواقف وهزات تحمله حمال على التفكير في هذا السؤال. ومـن آثــار اإللـحـاد األنانية وحـب الــذات، إذ كانت النتيجة الـحـتـمـيـة لـلـقـلـق الـنـفـسـي والـــخـــوف مــن األيــــام هــي اتجاه اإلنــســان نـحـو الــفــرديــة واألنــانــيــة، ومــن آثـــار اإللــحــاد فقد الوازع والنزوع إلى اإلجـرام، ألن اإللحاد ال يربي الضمير، وال يــخــوف اإلنــســان مــن إلـــه قـــوي قـــادر يــراقــب تصرفاته وأعماله في هذه األرض فإن امللحد ينشأ غليظ القلب عديم اإلحــســاس قــد فـقـد الــــوازع الـــذي يــردعــه عــن الـظـلـم ويأمره باإلحسان والرحمة. ومــن آثــار اإللــحــاد هــدم الـنـظـام األســـري ألن لـإلـحـاد آثارًا مـدمـرة فـي الـحـيـاة االجتماعية لـإنـسـان، فالبعد عـن الله سبحانه وتعالى لم يكن من آثار تدميره النفسية البشرية فــقــط، وإنــمــا كــان مــن لــــوازم ذلــك تـدمـيـر املـجـتـمـع اإلنسان وتفكيكه، وذلك أن نظام االجتماع البشري ال يكون صالحًا سليمًا إال إذا كانت اللبنات التي تشكل هذا النظام صالحة سليمة، وإذا فـسـدت هــذه اللبنات فسد تبعًا لـذلـك النظام االجتماعي بأسره.