السعودية اجلديدة الطبيعية
يظل األمن الفكري أحد أهم متطلبات املرحلة، بل إنه مطلب في كل املراحل، ذلك ألنه بدون قيام أمن فكري كـاف فإن املجتمع – أي مجتمع – البد وأن تتقاذفه األفكار املنحرفة، وتعصف به التصورات املتشددة، حتى يصل إلى حافة الهاوية بعد أن يكون قد جنح نحو التطرف. ولعل من حكمة وبصيرة اإلدارة العليا في بالدنا، أنها قد فطنت لهذه الناحية من وقت مبكر، وعملت جـاهـدة على تأسيس فكر وسـطـي، يقبل التسامح، ويــتــعــاطــى الــتــفــاهــم، ويــخــلــق حـــــوارًا حــضــاريــًا مع مختلف الثقافات. ومن نعم الله تعالى على بالدنا أنها كانت وستظل معتزة بدينها اإلسالمي الحنيف، الدين الذي يصلح لـكـل زمـــان ومــكــان، فــال يقبل بـالـغـلـو والــتــشــدد، وال يـرضـى بالتميع واالنــحــالل، ديـنـًا وسـطـًا يتفق مع الطبيعة البشرية التي أرادهــا الله تعالى لإنسان، حتى يكون صالحًا ومصلحًا في أرض الله. ويـــجـــب فـــي الــــواقــــع أن تـــكـــون اململكة الـعـربـيـة الــســعــوديــة نــمــوذجــًا يحتذى لـــلـــعـــالـــم كـــلـــه فـــــي االعــــتــــقــــاد والفكر، ومــــرجــــعــــيــــة فــــــي االســــتــــنــــبــــاط الفكري والسلوكي، كونها املنطلق الذي شع منه نور الحق من جوار الكعبة املشرفة، بحيث تكون حاملة وحــامــيــة لــلــهــويــة الــديــنــيــة والــلــغــويــة مـــن االندثار واالســتــالب، ولــذلــك فقد وقـفـت بــالدنــا وقــفــة حازمة وبـــــإرادٍة صـلـبـٍة ضــد كــل الـجـنـوحـات الـفـكـريـة، وكل االنحرافات العقدية. والواقع إنما قاله ولي العهد األمير محمد بن سلمان في أكثر من مناسبة، هو عن الصواب، وقمة الحكمة واملـوضـوعـيـة، عندما قــال وأكــد ذلــك مرارًا «نــحــن نــعــود إلـــى مــا كــنــا عــلــيــه».. وقال ســمــوه «نــحــن لــم نـكـن بــهــذا الـشـكـل في الـسـابـق».. فـي إشـــارة منه إلـى مـا حدث في الثالثن سنة املاضية من انحرافات فـــكـــريـــة لــــــدى بـــعـــض أفـــــــــراد املجتمع، موضحًا أننا عازمون وبقوة على العودة إلى «اإلسالم الوسطي املعتدل». ويـمـثـل ذلــك الـتـوجـه مــن ولــي الـعـهـد، والــــذي باركه الشعب السعودي، ولقي احترامًا وترحيبًا إقليميًا وإسالميًا، بل وعامليًا، يمثل حقيقة ما يجب أن تكون عليه بالدنا، وبذلك تكون األمور قد اتضحت، وبدأت مسيرة العودة إلى الوضع الطبيعي.