اخلالفة اإلسالمية
مصطلح الخالفة اإلسـالمـيـة ومفهوم الخالفة اإلسالمية أثار جدال وخالفًا كبيرًا سواء كمصطلح أو كمفهوم فقهي لــنــظــام الــحــكــم، فــالــخــالفــة فــي املــذهــب الــســنــي كــمــا عرفها اإلمــام الجويني «أنها رئاسة تامة، وزعامة عامة، تتعلق بالخاصة والعامة، في مهمات الدين والدنيا»، ويرى ابن تيمية أن هناك فرقًا بني الخالفة واإلمامة مخالفًا جمهور الفقهاء، فكان يطلق الخالفة ويقصد بها خالفة النبوة، وهي كيفية مخصوصة باقتداء السنة النبوية في الحكم، ويــوافــق سـائـر الفقهاء فـي اسـتـخـدام اإلمــامــة على النظام الــعــام للحكم. وهــنــاك مــرادفــات كـثـيـرة لـإمـامـة والخالفة منها السلطنة واإلمارة والحكم وامللكية والوالية وغير ذلك من مرادفات. فـــكـــرة الــخــالفــة والــــداعــــني واملـــــروجـــــني لــهــا كاألخونجية والعثمانجية الحديثة وداعـــش والــقــاعــدة وغـيـرهـم ممن يستخدمون الدين وسيلة للوصول ملآرب دنيوية ينادون ويــطــالــبــون بـالـخـالفـة بــهــدف الــوصــول لـلـسـلـطـة. فاملرشد والـولـي الفقيه وغيرهما جميعهم يسعون للسلطة حتى ولو كان الثمن تدمير البالد وتقسيمها وشرذمتها وإن كان الثمن باهظًا سواء على الصعيد اإلنساني أو االقتصادي أو االجتماعي. إن قــســمــًا كــبــيــرًا مـــن رواد الــتــنــويــر واإلصــــــالح فـــي الفكر اإلسـالمـي فـي القرنني الثالث عشر والــرابــع عشر الهجري مثل الشيخ األفغاني، ومحمد إقبال، والشيخ محمد عبده، والكواكبي، وعلي عزت بيجوفتش، وأحمد جـودت باشا، والـطـاهـر ابــن عــاشــور وخـيـر الــديــن التونسي وغـيـرهـم، ال يــعــرف عـنـهـم الــكــثــيــر مـــن الــشــبــاب، بـــل وحــتــى مـــن بعض املتخصصني في الفكر اإلسالمي مما فاقم من أزمات األمة اإلسالمية الفكرية والعقائدية وجعل البعض فريسة سهلة لـلـفـكـر املــتــطــرف والـــطـــرح الــســيــاســي املــتــأســلــم واستخدام مصطلحات مثل الخالفة ملصالح سياسية وسلطوية. وقـد تعرض الشيخ علي عبدالرازق مؤلف كتاب «اإلسالم وأصـــــول الــحــكــم» لـكـثـيـر مـــن املــعــانــاة واالضـــطـــهـــاد حيث اتهم بالكفر والزندقة وسحب منه األزهر شهادته العاملية األزهرية وفصل من القضاء وحاربه ملك مصر والسودان فؤاد األول الذي كان يطمع في الخالفة مما شكل في نظر امللك محاولة تعيق تطلعاته ألن كتاب الشيخ علي عبدالرازق الذي يفند أكاذيب املؤيدين لفكرة الخالفة الذي أكد فيه أن القرآن والسنة لم يتطرقا لفكرة الخالفة وأن الطامعني في السلطة سوف يستخدمون مثل هذه األطروحات واألفكار للترويج ألنفسهم، وقــد كــان هــذا التحذير الــذي صــرخ به ونــبــه عـلـيـه الــشــيــخ عــلــي عـــبـــدالـــرازق قــبــل إنـــشـــاء جماعة اإلخوان بثالثة أعوام وبالتحديد عام .م1925 نحن بحاجة ماسة إلى الخروج من املصطلحات ذات املدلول السياسي املتأسلم وإلى إعادة إحياء الفكر التنويري الذي بدأ في القرن الثالث والرابع عشر من الهجرة والذي حورب من مؤسسات الدولة الدينية واملدنية التي كانت قائمة في ذلك الوقت. * مستشار قانوني وكاتب سعودي