مسيرة العودة.. ترخيص الدماء ال يعزها
يــقــول الــخــبــر؛ إن املـمـثـلـة األمــريــكــيــة مــن أب إســـرائـــيـــلـــي واملــــــولــــــودة فــــي الــــقــــدس والتي تحمل الجنسية اإلسرائيلية والحائزة على األوسكار «ناتالي بورتمان» رفضت حضور حفل جوائز «جينيسيس» اإلسرائيلية الستالم جائزة رفيعة قيمتها مليونا دوالر احتجاجا على قتل إسرائيل للمتظاهرين الفلسطينيني الـعـزل خــالل فعالياتهم االحتجاجية على حـــدود غــزة والــتــي أسـمـوهـا «مـسـيـرة العودة» لــلــمــطــالــبــة بــــعــــودة الـــالجـــئـــني إلـــــى أراضيهم املحتلة، والتي نتج عنها حوالى خمسني قتيال، وأكــثــر مــن عـشـريـن حــالــة بـتـر كــامــل لألطراف، وآالف املصابني، عشرات منهم أصيبوا بإعاقات دائمة كالشلل والعمى والتلف الدماغي وتلف األعـضـاء واملــوت السريري، باإلضافة لحوالى 100 إصــابــة مــبــاشــرة بــاألعــضــاء التناسلية، فالقناصة اإلسرائيليون يستعملون الرصاص املـتـفـجـر املــحــظــور دولــيــا حــتــى بــحــق األطفال والــنــســاء والـــــذي يــــؤدي لــجــعــل املـــصـــاب يفقد كــامــل عـظـمـه وعــضــالتــه فــي مـحـيـط اإلصابة، ومــــن لــيــس لـــه مـــوقـــف مــبــدئــي إنــســانــي كــمــوقــف املمثلة األمريكية يستنكر ما يتعرض له الفلسطينيون فعليه أن يراجع قيمه اإلنسانية، لكن ومن ذات منطلق الغيرة على دمـاء الفلسطينيني يجب إجــراء مراجعة ليس فقط لواقع الفلسطينيني إنما واقع كل األمة اإلسالمية التي توسعت بـامـتـهـان حــرمــة دمــائــهــا لــدرجــة أن انــتــحــاريــني يفجرون أنفسهم باملساجد، ويفجرون أنفسهم بموقع راية لفصيل بــالــثــورة الــســوريــة أي ملــجــرد إزالــــة عـصـا وخــرقــة عليها! فما أفحش هــذا االمـتـهـان لــدم املسلم الــذي يسود الثقافة اإلسالمية املعاصرة، ولألسف هذا االمتهان لقيمة حرمة وكـرامـة دم املسلم يتم تسويغه بأنه لغاية تحقيق العزة للدم املسلم! فباستمرار يتفجع املسلمون ويتوجعون على أن مقتل غربي وصهيوني واحـد يحرك العالم كله بينما مقتل عشرات ومئات اآلالف وحتى أكثر من مليون قتيل بالعراق لم يحرك ساكنا في العالم، ويشنعون على العالم بسبب ازدواجية املعايير هذه، لكن إن أردنــــا املــصــارحــة الــصــادقــة فــالــدم الغربي اكتسب مكانته املصونة واملحترمة في العالم من صيانة واحترام أهله له، وباملقابل سقطت مكانة واحترام حرمة الدم املسلم من سقوطها لــدى أهلها، فــاآلخــرون يعاملونك كما تعامل نفسك وقومك، باإلضافة لعدم رفع قضايا في املحاكم الدولية ضد املتورطني بجرائم حرب بحق املسلمني والتي أنصفت مسلمي البوسنة وســجــنــت رؤســــــاء الـــصـــرب والـــــكـــــروات الذين أجرموا بحق املسلمني، وبالصحيح قال النبي عليه السالم وهو ينظر للكعبة: (ما أعظمك وأعظم حرمتك والـــذي نـفـس محمد بــيــده لـحـرمـة املــؤمــن عـنـد الــلــه أعظم حـرمـة مـنـك) صححه األلـبـانـي. والــقــدس وفلسطني أيضا عظيمتان وعـزيـزتـان لكن حـرمـة دم املسلم أعـظـم منهما، ولــهــذا ال يـصـح ترخيصه ألجــل فـعـالـيـات رمــزيــة ال ثمرة واقعية لها، وتعرض الفلسطينيني النتقام من ال يرحم. * كاتبة سعودية