صانع املفاتيح في مدينة بال أبواب
أبهر مصطفى املتابعني بصور مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» الـتـي لــم يـكـن يعرفها الـكـثـيـرون، وعـنـدمـا كان هـاجـس الصحفيني متابعة آثـــار األمطار ونقص الخدمات وجه مصطفى بوصلته نحو املـقـابـر الـتـي تنهش الـكـالب جثث موتاها وفتش عن الفارق بني مخلفات األحياء الفقيرة واألحياة املتخمة، وعندما كان الجميع يفكر في الشعر والقصة والرواية استحدث صفحة للسينما أشرف عليها الناقد الشهير يوسف شريف رزق الله حتى فــي أبـسـط املــهــام كان يـحـول املـلـحـق الــعــادي إلى حلفة لتكريس الدهشة ولذلك لم يجد عنوانا مالئما لخيبة طالبات الثانوية في إحدى السنوات سوى عنوان «دموع البنات.. سكر نبات» حتى صفحات املساعدات االجتماعية التي أسسها الدكتور هاشم عبده هاشم آنذاك تحولت مع سحر مصطفى إلى «خاتم سليمان» كان يراهن على الهامشي وكان الدكتور هاشم يحفزه ويدعمه ويراهن عليه، لذلك كان يضع الخطة ثم ينسحب ليعود فــي الــعــشــر الــدقــائــق األخـــيـــرة مــن املباراة ليضع سـيـنـاريـو الــخــروج منتصرا من املباراة تـــاركـــا لــآخــريــن دقيقة، لغته لـم تـغـرق فـي الشعرية، ولكنها لم مــتــعــة الــلــعــب ملــــدة 80 تتنازل عن الغرائبي واملستفز ومقدمات تقارير محرريه التي يشرف على هندستها هي التي تصنع الفرق واألسماء التي يأتي من خــارج دائــرة االهتمام هي التي تصنع الـفـارق وقـدرتـه على تحويل العادي واملكرر إلى منتج مبهر، هو سره الصغير الذي جعله «الرجل الذي يصنع من الفسيخ شربات»، عــنــدمــا كــانــت املــالحــق األدبـــيـــة تــراهــن عــلــى الــحــداثــة ومـــا بعد الحداثة أبهرهم بــأن ينشر نصوصا لشعراء فـي بداياتهم على صفحة ملونة كاملة وأين في «عكاظ» األسبوعية التي لم يكن هناك أحد ال يتابع إبداعاتها وأيضا.. جنونها وشطحاتها، هذا كله حول مصطفى إدريس الصحفي، ولكن مصطفى إدريس اإلنسان شيء آخر ال يقل فرادة وغرابة عن مصطفى اإلعالمي وإذا كانت حياة البشر صناديق سوداء فإن نبل عالقة مصطفى بأسرته لم يعد سرا، بل حقيقة يتبادل تفاصيلها األصدقاء والزمالء كأخبار الطقس.