Okaz

عام بال «ملك الصحافة» بني الذكرى والذاكرة

- أنس اليوسف (جدة) @anas_20

عــام مـضـى بــا تـركـي الــســديـ­ـري، ومــازالــ­ت روائـــح حـبـره تعتق أوراق الصحف وتزين أروقـة الصحافة، وحني يجيء الحديث عنه لن يكون بغير نافلة استحضار ملحات مـن تجربة عريضة وعريقه قوامها 4 عقود من العمل في باط صاحبة الجالة، تملك فيها ناصية السلطة الرابعة وتربع على عرشها بثبات ومهنية. وفـيـمـا يـؤبـنـه الـصـحـفـي­ـون فــي «عــكــاظ» بـعـد عـــام ونــيــف مــن رحيله، يؤمنون بمدرسته املهنية التي تجذرت في عمق املهنة لدى أجيال نهلت من تجربته وخبرته، وأخرى تسلحت بنصائحه والعمل معه، عرفانًا بدوره املؤثر في االرتقاء بالصحافة الوطنية األصيلة وصياغتها على نحو مكنها من أن تكون حصنًا منيعًا للوطن واملـواطـن منذ مراحل نهضاته األولى. مازال صوت تركي السديري مسموعًا في اإلعام السعودي حتى وإن رحل، بعد أن تمكن من مسامع العقاء ورسم خريطة املهنية الحقيقية، وانـــحـــ­از لـنـبـض الـــشـــا­رع، وتــســنــ­م قــمــة هـــرم رؤساء

ًً التحرير زمنًا طويا، إلى جانب رفاق دربه الذين سلموا األمانة ألجيال تالية، وجدت أن الوفاء لهم فريضة مهنية ال شية فيها. أســس السديري مـدرسـة صحفية عمادها الــــصـــ­ـدق وعــــتـــ­ـادهــــا الـــثـــق­ـــافـــة وقوامها الــحــيــ­اد، وأوعـــز لــورثــة مهنيته التمسك بـثـروة معرفية وتـوريـثـه­ـا أجياال قـــادمـــ­ة ملـــواصــ­ـلـــة علو الصحافة السعودية عـــلـــى أقــــرانـ­ـــهــــا في املنطقة. راهـــــــ­ــــــــــ­ـــــــن عـــــمـــ­ــيـــــد الـــــــص­ـــــــحــ­ـــــفــــ­ـــيــــــ­ـني السعوديني كثيرًا على الشباب، واليوم غالبية من يتصدرون املشهد اإلعامي نالوا الفرصة األولــى على يـديـه، ظـل متمسكا بمبدأ دعمهم، آمن بإمكاناتهم وقدرتهم على النجاح خـال ٠4 عاما قضاها رئيسا لتحرير صحيفة الرياض، وبعد أن نجح في قلب املــوازيـ­ـن وتحقيق أربـــاح عالية ملؤسسته الصحفية شيد جـسـورا مـن الثقة مـع بقية الصحف لتأسيس هـيـئـة الـصـحـفـي­ـني الــســعــ­وديــني، وكــــان أول رئيس ملجلس إدارتها. جوائز عدة نالها السديري بينها جائزة أفضل عمود عربي في جائزة الصحافة العربية عام ٠١٠٢، وشخصية الـعـام فـي اململكة بحسب قائمة فوربس الشرق األوسط لعام ٥١٠٢، ومنح وســام املـلـك عبدالعزيز مــن الدرجة األولـــى تـقـديـرًا ملـجـهـودا­تـه من أجل الوطن. كـــان لـتـركـي الــســديـ­ـري كــاريــزم­ــا إداريـــــ­ة مـخـتـلـفـ­ة، مكنته مــن تملك إعجاب الكثيرين وخطف أنظار املسؤولني، أطلق عليه امللك عبدالله بن عبدالعزيز لقب «ملك الصحافة»، ومع كل ذلك لم يدع هذا الوهج واأللــــق يخطفه مــن دوره الـصـحـفـي، أو يـحـيـد مــســاره عــن مهمته األساسية، رافضًا الركض خلف أضواء الشاشات، وظل انتقائيا في أحاديثه اإلعامية عن شخصيته، ولم يتصدر ندوة أو مؤتمرا إال بعد اختياره بعناية. مهنية أبي عبدالله وضعته في مكان يليق بالكبار فقط، إذ أجمع أرباب املهنة على تفوقه الافت، ما منحه الفرصة ألن يتقلد مناصب عدة، إضافة إلى رئاسته للتحرير، منها رئاسة اتحاد الصحافة الخليجية، وهيئة الصحفيني السعوديني. اليوم ال تزال أفعاله تتداعى إلى ذاكرة جميع من ترك فيهم أثرا، صانعا سـيـا مـن الـذكـريـا­ت الـتـي ال تنقطع، كيف ال وهــو الــذي قــال يـومـا عن طفولته إنـهـا لـم تحمل شيئا يشد االنـتـبـا­ه، ليصنع فـي بقية حياته «لقاء» متجددًا مع الناس.

 ??  ?? تركي السديري
تركي السديري

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia