Okaz

لنستعد للشهر الفضيل

- د. إبراهيم إسماعيل كتبي * * كاتب سعودي

اقترب شهر الصوم ليطل علينا بنفحاته اإليمانية، نسأل لله تعالى أن يبلغنا الشهر الفضيل، وأن يوفقنا لصيامه وقيامه، وتغمرنا روحانياته بالتقوى والـرجـاء فـي املغفرة، وأن يلهم بيوتنا الـرشـاد فـي االستهاك والترشيد. فالله عـز وجــل نهى عـن التبذير فـي حياة اإلنـسـان ووصف املبذرين بإخوان الشياطن، ومع ذلك نجد اإلسراف وكثرة االستهاك في الشهر الفضيل ظاهرة متكررة، فكيف يرتضي الصائم أن يجنح بعيدا عن مقاصد ومعاني وفضائل الصوم ليغرق في التسوق إلى حد اإلسراف. نعم يفرح الصائم حن يفطر، لكن معنى الفرح مقرون بشكر الله على نعمائه وليس باإلسراف، فاإلنسان مهما كثرت أصناف وكميات األطعمة فلن يأكل أكثر من حاجته وهي قليلة مهما كانت شهيته أو جوعه. حـبـات مـن تمر مـع الـقـهـوة العربية، وهـمـا مـن عـاداتـنـا الجميلة وزينة موائدنا في بيوتنا ومع ضيوفنا طوال العام، لكنها تجمعنا بخصوصية على لحظات روحانية وقت اإلفطار، ويبقى أن وجباتنا خال رمضان اثنتان، وما بينهما من أطعمة ارتبطت بعادات، ومع ذلك نجد التسوق أكثر مقارنة ببقية أيــام العام ذات الثاث وجـبـات، فلماذا هـذا االرتفاع والزيادة في مصروفات شهر الصوم. ربما قرارات الشراء وإدمانه تجيب على ذلك عندما يتم التسوق بإحساس الجوع خـال النهار، كما أن العن قبل الفم أحيانا، ويظن اإلنـسـان أنه سيلتهم ما يشتهيه ويشتريه لكن للصوم تأثيرا آخـر جميا وصحيا على املعدة التي ترتاح بالصيام لساعات طويلة وترهقها التخمة. مــوائــدن­ــا تعكس حــالــة الــطــوار­ئ فــي املـطـبـخ وكــذلــك الــوجــبـ­ـات السفري وفي املطاعم، حيث تزدحم املوائد بأصناف وكميات، رجيعها أكثر مما تتناوله األسرة. يقول املثل (الطبع يغلب التطبع) ومجتمعنا وغيره، في معظمه يحتاج إلـــى الـتـطـبـع مــع الـتـرشـيـ­د االســتــه­ــاكــي ليصبح ثـقـافـة حــيــاة باملفهوم الشامل لتنظيم الشراء. فا تزال لدينا مظاهر إسراف كثيرة في أفراحنا ومناسباتنا من قبيل العادات والتقاليد، ولأسف نجد النفايات أقرب إلى بواقي األطعمة عن االستفادة منها خاصة في املناسبات والعزائم. التفاصيل كثيرة عـن اإلســـراف فـي حياتنا وتحتاج بالفعل إلـى تغيير جــريء وعـن قناعة ويقن مسترشدين بالشرع الحكيم في قوله تعالى: (وكــلــوا واشــربــو­ا وال تـسـرفـوا إن الـلـه ال يحب املـسـرفـن)، لــذا التخطيط ضـــروري فــي شـهـر رمــضــان ومــن بـعـده بقية الــشــهــ­ور، ولـيـس عشوائية الشراء وقــرارات اللحظة عندما نشتري ما نرغب وليس ما نحتاج وما نشتهي وليس بقدر الضرورة. املستهلك هو من يسهم أوال في التضخم وغاء األسعار، وشريك أصيل مع التاجر الذي يتاعب، والسوق وأهله من التجار لديهم قرون استشعار قوية خاصة فـي مـواسـم الطلب، فــإذا ضبط املستهلك نفسه وتحكم في مشترياته سيحدث الضغط على األسـعـار مع زيــادة املـعـروض وتراجع الطلب فتكثر التخفيضات، ورأيـنـا ذلــك فـي األشـهـر األخـيـرة وهــذه هي طبيعة العاقة بن املستهلك والتاجر أو السوق. املطلوب تنظيم االستهاك للفرد واألســرة، وكـذا الترشيد الـذي ال يعني التقتير على النفس وال الشح إنما الضرورة بقدرها بشراء ما نحتاجه وندع ما ال نحتاجه. أخيرا ولكي نستعد الستقبال الشهر الفضيل، نحتاج إلى وقفة حقيقية مـع النفس إلنقاذها مـن تعقيدات الحياة الكثيرة واملتشابكة، والقوي هو من يقوى على نفسه أوال خاصة في الحياة األسرية ابتغاء مرضاة الله، وأن يعيش األبناء معنى الترابط في ظال املودة والرحمة. كل عام والجميع بخير.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia