افتتح املؤمتر األول ألنسنة املدن
أمير املدينة: طيبة وصلت إلى الواقع امللموس في األنسنة
افتتح أمير املدينة املنورة رئيس هيئة تطوير املنطقة األمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز، املؤتمر الدولي األول ألنسنة املدن، بحضور نائب أمير املنطقة األمير سعود بن خالد الفيصل، وجمع من املشاركني املـحـلـيـني والــدولــيــني، وعـــدد مــن املــســؤولــني، وذلـــك بـقـاعـة املؤتمرات بجامعة طيبة. وأكد األمير فيصل بن سلمان أن املنطقة تجاوزت الجانب النظري في األنسنة ووصلت إلـى مرحلة الواقع امللموس من خـال مشاريع ذات مامح عمرانية واجتماعية وبيئية وثقافية تنفذها هيئة تطوير املدينة املنورة. وقـــــــال: إن لــتــطــويــر تــلــك املــــواقــــع بـــعـــدًا اقتصاديًا واجــتــمــاعــيــًا يــكــمــن فـــي إشــــــراك أصـــحـــاب األمــــاك الصغيرة فـي منظومة التنمية والتطوير، وذلك باستثمارها بأشكال منفردة أو متضامنة، ويتيح ذلــك فـرصـًا عـديـدة لألعمال املتوسطة والصغيرة بما يسهم في االستدامة االقتصادية واالجتماعية وخلق فرص عمل جديدة ألبناء املدينة املنورة. وأشــــار األمــيــر فـيـصـل بــن سـلـمـان إلـــى أن الــرســالــة املحمدية التي انطلقت مـن املدينة املــنــورة، وضعت أســس الحياة التي ترتكز على تقدير وتكريم اإلنـسـان ووضـعـه فـي املنزلة الحقيقية، ونظمت التعامات اإلنسانية بني سكانها على مر العصور، وتشكلت الهوية العمرانية املتميزة التي تجسد مامح االرتباط الوثيق بني اإلنسان ومحيطه بصورة تفاعلية. وأبان أمير املدينة أن قيادة هذه الباد تشرف منذ عهد املؤسس امللك عبدالعزيز– طيب الله ثـراه – ثم أبناؤه البررة من بعده وصــوال إلى عـهـد خـــادم الـحـرمـني الـشـريـفـني املـلـك سـلـمـان بــن عـبـدالـعـزيـز بتقديم الرعاية واالهتمام بالحرمني الشريفني. ولـفـت إلــى أن الــدولــة تــحــرص، مــن خــال سعيها إلقــامــة مــدن جديدة وتوسع في العمران في املـدن القائمة بمختلف مناطق اململكة، على املحافظة على الـهـويـة الـعـمـرانـيـة لكل منطقة خصوصا املنورة عاصمة اإلسام األولى. وشدد على أنه ال تناقض بني تطوير أوسـاط املـدن واألحياء القديمة والـــبـــنـــاء الـــجـــديـــد مـــع املــحــافــظــة عــلــى الـــهـــويـــة املــحــلــيــة وتعزيزها وتـطـويـرهـا، ملمحًا إلــى أن الـهـويـة ال تعني الـجـمـود وال االنحصار في مـفـردات عمرانية مـحـدودة بل تتطلب الحفاظ على ما يمكن من مــوروث، والتعامل بمرونة في التكيف مع ما يستجد من تطوير في مجاالت الحياة. وقال: إن التحدي يكمن في فهم مضامني الهوية والسماح بالتطوير ضــمــن ثــوابــتــهــا بـحـيـث تـسـتـوعـب املــســتــجــدات وتستكمل مسيرة التطور التي بدأت منذ أكثر من 1400 عام. وأعــرب عن ثقته بأن يشكل املؤتمر الـذي يعقد في املدينة املنورة بأبعادها التاريخية والحضارية واإلنسانية، ويحظى بمشاركة نخبة من العلماء والــخــبــراء والــبــاحــثــني فــي هـــذا املـــجـــال، انطاقة فكرية جديدة تسهم في بناء اإلنسان واملكان في العالم أجمع. ووصف جلسات مؤتمر برنامج أنسنة املدينة املنورة بـأنـهـا ثــريــة ومـتـعـددة الـجـوانـب بـمـا يـحـافـظ على النسيج االجتماعي الــذي تشكل عبر الـزمـن فـي األحياء والشوارع املستهدفة ضمن مشاريع األنسنة. ثم شاهد أمير منطقة املدينة ونائبه وعدد من ضيوف الحفل عرضًا مرئيًا عن أنسنة املدن من منظور عاملي. عقب ذلــك، ألقى األمــني الـعـام لهيئة تطوير املدينة املنورة املهندس فهد بن محمد البليهشي، كلمة رحب فيها بأمير املنطقة راعــي الحفل والضيوف واملشاركني في املؤتمر. وقــال: حظيت املدينة املــنــورة بالعناية واالهـتـمـام منذ عهد املؤسس امللك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثــراه - وتحظى املدينة اليوم باهتمام خــاص من خادم الحرمني الشريفني وامتد ذلك االهتمام إلى األمير فيصل فــي املدينة بن سلمان بن عبدالعزيز الذي جعل األنسنة روح برامج تطوير املدينة املنورة مؤمنًا باآلثار االجتماعية واالقتصادية والفكرية املرجوة من البرنامج، فكان بحمد الله بعض ما أراد وظل املزيد مطلوبًا. وأضاف البليهشي: جاءت فكرة عقد هذا املؤتمر الذي حظي بموافقة سيدي خادم الحرمني الشريفني كبادرة من األمير فيصل بن سلمان، للتعرف على ما في العالم األوسع من مجاالت ومستجدات في مجال أنسنة املـدن وليضع أمام العالم ما تم من مشاريع في أنسنة املدينة املـــنـــورة، الفــتــًا إلـــى أن املــؤتــمــر الـــذي ينعقد فــي املــديــنــة املــنــورة جاء بـالـتـزامـن مــع اإلعـــان عــن بـرنـامـج جـــودة الـحـيـاة كـأحـد بــرامــج رؤية اململكة .2030 وأوضح البليهشي: أن األمير فيصل بن سلمان جعل األنسنة روحا تمثلت في برامج تطوير املدينة املنورة. تــا ذا عـــرض مـرئـي سـلـط مــن خـالـه الــضــوء على أنسنة املدينة املــنــورة بعنوان «رؤيـــة وطموح»، لـــيـــروي جــانــبــا مـــن املـــشـــاريـــع الــتــطــوريــة التي تــتــحــمــور حــــول خـــدمـــة اإلنــــســــان وإســــعــــاده في املدينة املنورة. ثــم ألــقــى مــديــر شـبـكـة أبــحــاث مستقبل األماكن العامة بأستكهولم واملدير التنفيذي ملؤسسة سوستايسس الدكتور مايكل ميهافي كلمة قال فيها: نعيش في وقـت استثنائي، يعد بالتأكيد واحدا مــن الــتــحــديــات غــيــر املــســبــوقــة، إن عـلـومـنـا وتقنياتنا ومنحنا الدراسية تجسد الثروات املتراكمة خال قرون التقدم البشري، ومـع ذلـك فـإن وقتنا هـذا له قصوره أيضا ومخاطره والتزاماته. فنحن حتما نواجه ببطء تحديًا كبيرًا وهــو الـتـحـول عــن الــنــمــوذج الـصـنـاعـي الـقـديـم للتنمية، نحو نموذج أكثر ديمومة للتنمية البشرية والثقافات الــبــشــريــة ورفـــاهـــيـــة اإلنــــســــان. فـــي هــــذه الــلــحــظــة، نحن جميعا نجاهد لفهم مسؤولياتنا الفردية والجماعية، والتصرف بناء على هذا املفهوم. وأضـاف: يبدو أن املدن، وأيـضـا البلدات والـضـواحـي الصغيرة، ستلعب دورا محوريا في املدن والبلدات التي نعيش فيها، نحن اآلن نسعى أكثر فأكثر خلف الفرص حيث ننشدها ونخلقها، ونستهلك املـــوارد، ومـن ثم فإننا نلحق الضرر بالبيئة الطبيعية التي نعتمد عليها جميعا. وأشار خال حديثه عن االستدامة واالستمرارية التي هي هدف أساسي إلى العديد من االتفاقات الدولية التاريخية، بما فيها أهـداف التنمية املــســتــدامــة، واتــفــاق بــاريــس للمناخ والـخـطـة الـحـضـريـة الجديدة. وقـال: يجب علينا أيضا أن نسأل ما الـذي نريد أن نستديمه؟ ومن املـؤكـد أن مجرد استخدام «أدوات االسـتـدامـة» الجديدة فـي بعض الدول لن يكون كافيًا. وتابع: تمنحنا العلوم تقديرا وإكبارا جديدا لـــدروس االســتــدامــة املـتـجـسـدة فــي أمــاكــن الـتـاريـخ البشري الــتــي اســتــدامــت عــبــر الــــزمــــان. وتـــحـــدث مــيــهــافــي عن تجربة هيئة تطوير املدينة املنورة قائا: يمكننا بالتأكيد أن نرى هنا أمثلة عليها في التراث الـــرائـــع لــلــمــديــنــة املــــنــــورة، وفــــي اململكة الـعـربـيـة الـسـعـوديـة عـلـى نــطــاق أوسع. هــذه املباني واألمــاكــن هـي خزينة حية من األنماط الناجحة، ونوع من «الحمض الــنــووي للمكان». ومــن هــذه الـــدروس، ومن دروس أخرى، يجب أن نتعلم إعادة إحياء مدن وبلدات أفضل وأكثر إنصافا، تتسم بالثبات والجمال، تماما مثل اإلنسان. وفـــي نــهــايــة الــحــفــل، كـــرم أمــيــر املنطقة الـرعـاة واملـشـاركـني فـي جلسات املؤتمر التي تتواصل حتى نـــهـــايـــة األســــبــــوع الــــــــــــجــــــــــــاري كما الــتــقــطــت الصور الــتــذكــاريــة بهذه املناسبة.