Okaz

طالل.. البقاء للفن واملوسيقى !

-

صـدق الصديق الشاعر إبراهيم زولــي عندما قـال في تغريدة له على «تـويـتـر» إن امللحن طــالل مـدرسـة ال تنتمي إال إلــى نفسها، تعليقًا على تـعـاونـه األخــيــر مــع فـنـان الــعــرب بتلحني كــل أغاني ألـبـومـه األخـيـر «عـمـري نـهـر» والـــذي سيشدو بها جميعًا محمد عبده اليوم (األربعاء) في دار األوبرا املصرية. وإذا كنت قـد قلت مـن قبل إنــه إذا كــان «محمد عـبـده» هـو صانع الـشـعـراء، فـإن امللحن الكبير «طــالل» بألحانه الفريدة هـو صانع املطربني والفنانني، بل هو حائك ثوب الطرب الجميل. طالل هو امللحن الوحيد، في الساحة الغنائية اليوم، الذي يجعلني أكتشف هل أنا عاشق أم مدع؟ هل أفهم الفن أم أسير مع القطيع؟.. ليس بتلبس حالة (اللحن) ومــدى مالءمتها لحالة عاطفية أمّر بها. ربما بدأنا مع ألحانه وألحان غيره من امللحنني الحقيقيني بذلك التلبس الساذج والبريء، إنما ما يفعله فّي «طالل»، كمستمع ومـــتـــذ­وق غــيــر مــتــواضـ­ـع لـلـفـن واملــوســ­يــقــى والــحــيـ­ـاة، أنـــه يجيد صـدمـتـي بشكل تقني مـتـطـور: قـشـعـريـر­ة وربــكــة تـلـفـان جسمي، وفــي الـــروح تـسـري رعـشـة خفيفة تتصاعد لذتها العميقة حتى تكاد تقتلني، ساعتها أتأكد أنني عاشق فعال، فأغيب في غمام املوسيقى وأغني بصوت عال وكأنني على املسرح، يسكت املطرب وينصت معنا لتحول جديد في اللحن فتهدأ نفسي وتــروق، ثم ال ألبث أن أغني معه، أدندن الكلمات ببساطة إلى أن أبكي بحرقة ووجــع، كأنما فقدت الـلـذة األولــى ورعشتها الـسـاحـرة، وهــذا هو الفن والطرب واملوسيقى ببساطة، تمامًا كما فعل طالل في أغنية «تأخرنا» التي كتبها األمير بـدر بن عبداملحسن وغناها محمد عبده، إذ كانت موسيقى طالل تجسد الكالم حكاية ومــواال فاتنًا في مطلعها ثم تسيل وتتدافع املوسيقى كالحنني الجارف الذي ال ينتهي. من املهم التأكيد مجددًا على أن «طالل» ال يميزه وال يصنع فرادته من معجمه املوسيقي الخاص وتقنياته وتكنيكاته االستثنائي­ة وجمله اللحنية املتخطية ووعيه بلحنه وبالفن واملوسيقى عمومًا. ليس هـذا فقط، إن طـالل بهيئته النحيلة واألنيقة جـدًا وبالتعب الـــذي يسكن فــي ألـحـانـه، وبـالـحـزن وبـاملـلـل الـلـذيـن نقرؤهما في عزوفه وانصرافه عن اإلعــالم، زاهـدًا في الضوء.. طـالل، بهذا كله، ــ وهو ما يفعله العشق الحقيقي والصادق في الفنان املوهوب ــ، يبرهن على صدق اختالفه وتميزه وطول هامته املوسيقية، فهي التي ستبقى في النهاية، ألن هناك موسيقيني وفنانني يضيعون وقتًا ثمينًا جدًا في تلميع أنفسهم على الرغم من أنهم يعلمون أنه لن يبقى في األخير سوى الفن واملوسيقى. ال غبار اآلن، بحسب هذا املوسيقار الذاهب بعيدًا في النأي والناي معًا، أن يكون «طالل»عاشقًا حقيقيًا وموسيقارًا حقيقيًا في آن، إذ يغني األول اآلخر ويثريه ويضيف إليه، والعكس صحيح أيضًا.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia