أحفورة أم إصبع يرتفع محتجا؟

لـم تكن أحـفـورة اإلصـبـع التي تـم العثور عليها فـي محافظة تيماء أخيرا مجرد شاهد على أن لإلنسان على هـذه األرض تاريخا عريقا يعود، حسب تقديرات عمر تلك األحفورة، إلى ٥٨ ألف سنة، وإنما كانت تلك األحفورة إصبعا يطوي القرون مـحـتـجـا عــلــى مــا كـــان مــنــا مــن تــجــاهــل لــذلــك الــتــاريــخ، حتى كأنما وجود اإلنسان على هذه األرض ال يعود ألكثر من ألف وأربعمائة عـام، وما قبل ذلك كله مجرد «جاهلية» ال ينبغي التوقف عندها وال تجوز العناية بها. األحفورة كانت إصبعا يرتفع احتجاجا على ما كان يحاول إثارته بعض املتنطعني من تشكيك كلما ورد ذكر لآلثار حتى غــدا البحث فــي اآلثـــار ضـربـا مــن املـغـامـرة الـتـي ال يـعـرف من يخوضها متى يتم صـرفـه عنها ومنعه مــن الــخــوض فيها، ولعل بعضنا ال يزال يتذكر حني كان الشيخ حمد الجاسر يهم برحلة لتتبع الطريق الذي سلكه «أصحاب الفيل» وكان أحد البنوك املحلية قد تعهد بتحمل تكلفة الرحلة التي ألغيت بعد اعتراض املعترضني عليها، والشيخ حمد الجاسر هو نفسه الذي دعته اللجنة الثقافية بجامعة أم القرى إللقاء محاضرة اختار لها عنوان «اآلثــار في مكة» ليفاجأ هو وتفاجأت معه اللجنة الثقافية بتغيير اسم املحاضرة في اإلعالن عنها عشية إلـقـائـهـا إلــى «الــتــراث فــي مــكــة»، والـجـامـعـة نفسها هــي التي خططت إلنـشـاء قسم لــآلثــار، ثـم لـم تلبث أن حولته إلــى قسم للحضارة اإلسالمية. لـــذلـــك كـــلـــه يـــكـــون لـــنـــا الـــحـــق إن اعـــتـــبـــرنـــا الـــعـــنـــايـــة باآلثار واالكتشافات اآلثارية املتوالية جزء ا من حركة التصحيح التي ال تقود أقدامنا نحو املستقبل فحسب، بل تكتشف أن ألقدامنا آثارا موغلة في التاريخ كما تبني مما أعلنه األمير سلطان بن سلمان من اكتشاف آثار أقدام تعود لـ٥٨ ألف سنة.