Okaz

اخلاسرون والرابحون من االتفاق النووي!

-

بعد أسبوع واحد فقط من الخروج األمريكي املدوي من االتفاق النووي اإليراني على يد الرئيس دونالد ترمب، سقط الغبار وارتفعت األصوات املؤيدة واملعارضة، وانزوى أصحاب األصوات الرمادية الذين لم يكن لهم من هذه القضية إال التشفي في املوقف السعودي، كما برز سؤال كبير؛ من هم الفائزون والخاسرون في هذه الحفلة التي صنعها اليسار األمريكي ولوبي إيران ورقصت على مسرحها الكبير شركات صناعة النفط والغاز الغربية؟. يا لها من مأدبة كبيرة كان اآلكلون حولها كثرا، ولألمانة كانت جوائزها كبيرة، إال أنهم نسوا أنهم ال يملكون الشرق األوسـط ويعيش فيه أكثر من مليار إنسان كانوا عرضة لجنون ماللي طهران ولسباق نووي محموم ال يعلم إال الله وحده نتائجه املستقبلية. اململكة العربية السعودية ومصر ودول إقليمية أخرى، لن تقف أمام دولة تمتلك أسلحة نووية تخيلت طهران أنها ستتمكن من خاللها من إخضاع املنطقة كلها إلرادتها، هذه الدول أكدت بكل صراحة أنها لن تقف مكتوفة األيدي وستسارع إلنتاج قنابلها الخاصة، وهو ما طرحه ولي العهد األمير محمد بن سلمان، ومسؤولون سعوديون كثر. دعونا نراجع السلوك اإليراني في املنطقة لنعلم أننا أمام عصابة تحكم طهران كلما التقطت سالحا استخدمته ضد جيرانها، فكل الصواريخ املئة والثالثني التي أطلقها الحوثيون وقصفوا بها املدن السعودية هي صواريخ باليستية إيرانية عابرة للدول، وكل األسلحة واملتفجرات املوجودة في املنطقة من العراق إلى سورية إلى البحرين إلى اليمن هي من تمويل إيراني، أضف إلى أن طهران هي في الطريق إلنتاج صواريخ عابرة للقارات ستصل إلى العواصم األوروبية قريبا. يخطئ األوروبيون إذا توقعوا أنهم عندما يدمجون نظام طهران الفاشي في املجتمع الدولي سيتم اكتفاء شره من خالل االتفاق سيئ الذكر الذي وقعه أوباما نيابة عنهم، فإيران تنظيم ثوري متعدد األوجـه يبحث عن إقامة دولة إمامية ال تعترف بالحدود، تتبنى اإلرهــاب والحروب بالوكالة، وهي بـدأت دولتها االنقالبية العام 1979 بحرب كبرى ضـد الـعـراق ثـم اتجهت إلــى البحرين، والـسـعـود­يـة، وهــا هـي ترتكب واحــدة من أكبر املجازر اإلنسانية في اليمن، وسورية، كما حولت لبنان إلى مستوعب لنفايتها وأغراضها العسكرية. كانت أهداف األوروبيني واضحة؛ هي االستفادة القصوى من الثروة اإليرانية املتراكمة طوال ثالثة عقود للخروج من أزمة اقتصادية طاحنة تمر بها القارة العجوز كبلتها وحولتها إلى دول مثقلة بالديون والبطالة، ولوال االقتصاد األملاني لسقطت أوروبا في قاع ركود وانهيار ال قرار له، هل نسينا اليونان وإسبانيا والبرتغال. كان واضحا حينها أن فرنسا وأملانيا وبريطانيا هي األكثر نهما ورغبة في تحقيق االتفاق من اإليرانيني أنفسهم. باريس دخلت بثقلها خلف االتفاق بحثا عن عودة توتال الفرنسية إلنتاج وصناعة الغاز والنفط اإليراني. األملـان كانوا هم أيضا يبحثون عن بدائل للغاز الروسي الذي أذلهم وجعلهم رهينة للكرملني. البريطانيو­ن عادوا بأحالم إمبراطوريت­هم للسيطرة على ضفة الخليج الشرقية ودخول استثماراته­م وصناعاتهم للبازار اإليراني. استغل الجميع من يسار أوروبي وأمريكي وحزب ديموقراطي مخترق ألخمص قدميه باللوبي اإليـرانـي سذاجة الرئيس أوبـامـا وسعيه لتحقيق مجد شخصي ودفـعـوا به ليكون رأس الحربة ملـشـروع تعويم طــهــران، لقد أعـطـوا إيـــران مـا ال تستحق فـي مـا ال يملكون. إيران ليست سوى دولة متطفلة تعيش على تخوم العالم العربي، والسماح لها بالتمدد من أجـل عيون الغاز واالستثمار كـان أمـرا غير مقبول، والـريـاض ليست سـورا قصيرا يمكن أن تمرر املشاريع العابرة من فوقها، ولذلك وبعد أن سقط املشروع «الخائب» اليوم سينكشف جليا من هم الفائزون والخاسرون من انتهاء حفلة الغزل الغربي اإليراني.. ال شك أن شعوب الشرق األوسـط التي أثخنها اإلرهــاب اإليراني ستعيش في جو أكثر أمانا من ذي قبل بعد أن يتم تكبيل مشروع «املـاللـي» ونـزع مخالبه النووية، كما أن الدبلوماسي­ة السعودية حققت انتصارا مدويا فهي من كسر «عظم» املشروع دون كلفة عسكرية، وهي من أكدت مسبقا أنها لن تكون جزءا منه ولم تقبل به ولم تتفاوض عليه وهذا ما تحقق. أمــا الــخــاسـ­ـرون فـهـم أصــحــاب كــل الــشــركـ­ـات واملــصــا­رف واملــصــا­نــع الـغـربـيـ­ة مــن صناع الغاز وبراميل النفط مـرورا بمصنعي السيارات والبنية التحتية وانتهاء بالطائرات والصفقات العسكرية الذين بنوا طموحاتهم على االستثمار مع «هتلر الشرق األوسط»، فذهب االستثمار وبقي هتلر.

* إعالمي وكاتب سعودي

 ?? محمد الساعد * @massaaed m.assaaed@gmail.com ??
محمد الساعد * @massaaed m.assaaed@gmail.com

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia