إال األشجار!
فــن الـغـرافـيـتـي (الــرســم والـكـتـابـة عـلـى الــجــدران) كان نـــوعـــا مـــن الــتــخــريــب، إلــــى أن تـــطـــور عــلــى يـــد مبدع مـجـهـول فأصبحت آراؤه املــرســومــة تعبيرا حــرا في قــالــب يـسـهـل اسـتـنـبـاطـه. هـــذا الــفــن لــه مـعـجـبـون ومـــؤيـــدون، السيما عندما تتحول الجدران البشعة إلى لوحات فنية تأسر النظر. لكن ما يـحـدث فـي نــجــران، فـي حديقة املـلـك فـهـد، والـتـي تعد جــزءا مـن غابة سـقـام الـرائـعـة املليئة بـأشـجـار قــاربــت أن تـكـون مـعـمـرة، يجعل املرء يـراجـع ذائقته ويقارنها بذائقة اآلخــريــن.. فهل الذائقة لـدى البعض وصلت لهذا املستوى الصلف من البشاعة! فقاموا بتسيير البسطاء في ذائقتهم نحو ذوق غريب سيطر على الغابة تحت مسمى معالجة التشوه البصري ! غابة سقام، كما زعم الزاعمون، تعاني من علل تسبب تشوها بصريا بسبب جــذوع األشــجــار املـعـمـرة، هـل تـصـدقـون ذلـــك؟! لــذا قــام بعض الفنانن والفنانات بطالء جذوع األشجار بأسلوب فني، وال أنكر أن بعض الفنانن أجـــادوا عملهم، لحد أنــي تمنيت لـو كــان هــذا العمل على جدران مصمتة، أو على جذوع ألشجار من األسمنت، وليست على األشجار الحية الحقيقية التي ال يزيد بهاؤها وجمالها إال مع تقدم الزمن . لـم أســع ملعرفة صـاحـب تلك الفكرة العجيبة املـريـعـة، ولــم أبـحـث عن أسـمـاء بعض مـن قـامـوا بهذا العمل، وسـط حزني وأملــي مـن جــراء ما حــدث، فالفن كما قـال ماالرميه بــاق، والحياة قصيرة، لكن هـذا الفن املـزعـوم لن يبقى على جـذع حي ينمو فيشتد سماكة ويــزداد طوال.. الفن الحقيقي ليس مؤقتا، وال تشويها، وال قضاء وقـت فــراغ.. الفن رسالة حقيقية . في مقالي هذا أناشد املسؤولن في بلدية نجران، وفي غيرها من املدن واملحافظات في مملكتنا الحبيبة ليقوموا بكف يد العبث في الطبيعة تحت أي مسمى كان، فالبيئة نحافظ عليها، ال نشوهها باسم الفن.