Okaz

االسم: إسرائيل.. العمر: سبعون سنًة

-

يــــصــــ­ادف الــــيـــ­ـوم الـــــذكـ­ــــرى الــســبــ­عــن الغتصاب الـصـهـايـ­نـة لـفـلـسـطـ­ن .. وقــيــام مــا يــزعــم بـ « دولة » إسرائيل. كانت أبرز فعاليات هذه الذكرى األليمة ِتــلــك « االحـتـفـا­لـيـة » ، الـتـي أقـيـمـت عـلـى بــعــ ِد خــطــوا ٍت مــن جامعة الدول العربية. ظهر السفير اإلسرائيلي في القاهرة حينها وهو يحيي ضيوفه، بلغة عربية ركيكة، محتفيًا بقيام إسرائيل وفي خلفيته صورة كبيرة لحائط البراق في القدس، أعالها من اليمن الشمعدان السباعي « املنوارة » شعار الدولة العبرية .. وفي الجانب األيسر من أعلى الصورة نجمة داود السداسية، رمز اليهود. لم يـكـن ال اخـتـيـار تـوقـيـت وال مـوقـع االحـتـفـا­لـيـة مـصـادفـة. السفير اإلسرائيلي، وفي خلفيته صورة القدس «متوجة» بشعار الدولة العبرية و«صـرة» علمها، إنما يتصرف وكأنه يخطب في أقصى الحدود الغربية ململكة داود الثانية على الضفة الشرقية لنهر النيل، التي تبلغ حدودها شرقًا، وفقًا ألساطير اليهود التوراتية.. وأطماع الصهاينة التوسعية، الضفة الغربية لنهر الفرات! كما صــادف أمــس، أيضا، افتتاح السفارة األمريكية في القدس، في تحٍد صارخ لكل القرارات واملواثيق الدولية، التي تؤكد على عروبة القدس.. وأنه: ال دخل للصهاينة وكيانهم الغاصب، ال من قريب أو من بعيد بالقدس... هذا مع اعتبار القدس أرضًا عربية فلسطينية محتلة.. وتجريم كل املمارسات الصهيونية لتهويد املدينة املقدسة، بجعلها، كما تزعم األساطير التوراتية: عاصمة موحدة وأبدية إلسرائيل . ال يمكن لــوم الـصـهـايـ­نـة وهــم يحتفلون عـلـى بـعـد خــطــوات من جامعة الـــدول الـعـربـيـ­ة، بــ «عـيـد مـيـالد» كيانهم املـسـخ الغاصب السبعن، بينما بعض الـعـرب، كما زعــم السفير اإلسرائيلي في خطابه، لم يعودوا ينظرون إلى إسرائيل على أنها عدوة لهم!؟ بل إن بعضهم، تجاوز مرحلة االعتراف الدبلوماسي بالدولة العبرية، إلى الدخول من بوابة التطبيع مباشرة. في نفس األسبوع شهدت القدس مظاهرة تطبيعية، مع إسرائيل، باشتراك رياضين عرب في سباق للدراجات في القدس! إال أنـه لإلنصاف، تحريًا لقواعد التحليل املوضوعية، ال يمكن اعـتـبـار مــا يــأتــي مــن املــصــاد­ر اإلسـرائـي­ـلـيـة، عـلـى أنــه تغيير في املوقف الرسمي العربي ( املعلن ) من إسرائيل .. كما أنه من الصعب الحكم على سلوكيات، ليست بالضرورة تحمل الطابع الرسمي، وإن كان يصعب تصورها دون موافقة رسمية، على أنه خروج عن املوقف الرسمي العربي (املتواتر) من إسرائيل.. ونصرة القضية الفلسطينية، بكل أبعاد تلك اإلستراتيج­ية والقومية والدينية والثقافية واألخالقية . مازال العرب، من الناحية الرسمية، ملتزمن ِبِقيم النظام العربي، فــي مــا يـخـص القضية الفلسطينية.. واعـتـبـار إسـرائـيـل الخطر اإلســتــر­اتــيــجــ­ي األول عـلـى أمـنـهـم الــقــومـ­ـي. هــنــاك مـلـحـق خاص بفلسطن فــي املـيـثـاق، يـكـاد يجعل مــن فلسطن عـضـوًا مؤسسًا بجامعة الدول العربية! كما أنه جرى التأكيد، على إستراتيجية القضية الفلسطينية بالنسبة لألمن القومي العربي، في أول قمة عربية عقدت في أنشاص بمصر، بعيد قيام جامعة الدول العربية 29-28( مـايـو ‪.)19 ٤ 6‬اعتبر الـزعـمـاء الــعــرب، حينها، القضية الـفـلـسـط­ـيـنـيـة، جــــزءًا أســاســيـ­ـًا مــن قــضــايــ­ا الــعــرب الــقــومـ­ـيــة.. وأن الصهيونية ليست خطرًا داهـمـًا على فلسطن وحـدهـا، بـل على البالد والشعوب العربية واإلسالمية. حتى أن مجلس الجامعة في جلستيه الرابعة والسادسة ‪)19 ٥ 0(‬، اتخذ تدابير (عقابية) مــلــزمــ­ة، تــجــاه أي دولــــة عــربــيــ­ة تــتــفــا­وض.. أو تــعــتــر­ف بالكيان الـصـهـيـو­نـي.. أو تعقد صلحًا مــنــفــر­دًا.. أو أي اتــفــاق سياسي أو عسكري أو اقتصادي مع إسرائيل، وقد حدث أن طبق العرب تلك التدابير، بالفعل . املــوقــف الـرسـمـي الـعـربـي (املــعــلـ­ـن)، إذن: يجعل معظم دولـــه من الناحية القانونية والسياسية، في حالة حرب مع الدولة العبرية ... مع رفـض شعبي جـارف ألي تطبيع مع إسرائيل، حتى ولـو برر منطق الدولة ذلـك. اليوم: من الناحية الرسمية، النظام العربي، تحكمه مبادرة السالم العربية، التي أقرتها قمة بيروت العربية (مارس )2002، حيث تشترط ألي تطور في العالقة مع إسرائيل .. وإنــهــاء حـالـة الـحـرب معها، بـل وحـتـى إمكانية التطبيع معها، توفر شرطان أساسيان . األول : انسحاب إسرائيل من كافة األراضي العربية، املحتلة عقب عــدوان 1967، بما فيها الـقـدس. الثاني: قيام دولة فلسطينية، وفقًا لحدود الرابع من يونيه 1967، تكون عاصمتها القدس . إســرائــي­ــل قــد يــكــون خــيــال سـاسـتـهـا الــجــامـ­ـح، الـــذي يعتمد على أساطير توراتية متخلفة.. وربما يكون غرور القوة وغطرستها، التي تستمد زخمه من قوى دولية، ال يمكن ضمان ربط مصالحها بمصالح الدولة العبرية لألبد، وراء هذا « اإلعالن املبكر » بالنصر، فــي مــعــركــ­ة، لــم تـضـع أوزارهــــ­ــا، بــعــد.. ولـــم يـعـلـن الـخـصـم قبوله بشروط إنهائها، بعد . الــتــاري­ــخ يــقــول: إن الـهـزيـمـ­ة والــنــصـ­ـر، ال تـحـددهـمـ­ا إال املعارك الـفـاصـلـ­ة. إســرائــي­ــل لــم تنتصر، رغــم كسبها لخمس حـــروب مع الـــعـــر­ب.. ولـــن تـسـتـطـيـ­ع هــزيــمــ­ة الـــعـــر­ب، مـطـلـقـًا. حــتــى لــو فرض منطق الـدولـة القبول بإسرائيل، فـإن الشعوب العربية، لن تقبل بإسرائيل، حتى يدخل الجمل في سم الخياط. إسرائيل لم تحقق خــالل سبعن سنة مـن صراعها مـع الـعـرب ســوى أوهـــام تتالقى مـع خلفيتها األسـطـوري­ـة. الـدولـة العبرية، بعد سبعن سنة من قيامها، لم تنعم بالسالم داخلها.. ولن تتمكن من فرض شروطها للسالم على العرب . لــن يـتـخـلـى الــعــرب عــن الـقـضـيـة الـفـلـسـط­ـيـنـيـة، وال عــن القدس.. ويقتصر حديثهم، لسبعن سنة قادمة، على الطعام الـذي قدمه السفير اإلســرائـ­ـيــلــي، لضيوفه فــي الــرتــز كــارلــتـ­ـون، عـلـى الضفة الـشـرقـيـ­ة مــن الــنــيــ­ل، كـمـا يــزعــم الــطــبــ­اخ اإلســرائـ­ـيــلــي، الـــذي جاء خصيصًا من إسرائيل لهذه املناسبة. أكيد.. لن يمهل التاريخ إسرائيل سبعن سنة أخرى.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia