عام على مقاطعة قطر
العزلة الدولية تتسع.. وإخفاقات تنظيم احلمدين تتفاقم
«بعد نحو عام على أزمة قطر، تكشفت الكثير من األدلة التي تبرهن على نحو قاطع أن سياسات قطر ال تعمل لصالح مجلس التعاون لدول الخليج العربي، كما تأكد أن الدوحة أقامت دورها اإلقليمي وتوجهات سياستها الخارجية على كل ما يعاكس التوجهات العامة للمجلس ومصالح دوله»، هذا أحد االستنتاجات التي خلصت إليها حلقة نقاشية نظمها مركز اإلمـارات للسياسات أمس األول حول آثار األزمة في قطر والتداعيات السياسية واالقتصادية ملقاطعتها من جانب الدول األربع الداعية ملكافحة اإلرهاب، (السعودية واإلمارات والبحرين ومصر)، والتي شارك فيها نخبة من الباحثني والسياسيني واإلعاميني، حيث شارك في الحلقة كل من الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس دائرة التعليم واملعرفة في أبوظبي، ونبيل الحمر، مستشار ملك البحرين لشؤون اإلعام، والدكتور محمد بن هويدن، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة اإلمارات، والدكتور عبدالخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية بجامعة اإلمارات، وسالم اليامي، الباحث في العاقات الدولية، وعبدالله الجنيد، املحلل السياسي البحريني، وعبدالعزيز الخميس، الباحث في شؤون السياسة العربية وشؤون الشرق األوسط، واملهندس عمر باحليوة، األمني العام للجنة السعودية للتجارة الدولية، والدكتور حمد التويجري، أستاذ مشارك في كلية إدارة األعمال بالرياض، واإلعامي السعودي عبدالرحمن الراشد.
أفــــــادت الـــدكـــتـــورة ابـــتـــســـام الكتبي، رئـــــــيـــــــســـــــة مــــــــركــــــــز «اإلمــــــــــــــــــــــــارات لـــلـــســـيـــاســـات»، بــــــأن املشاركني أوضــــــــحــــــــوا خـــــــــال الجلسات األربـــــــــــع لـــلـــحـــلـــقـــة أن املكابرة القطرية تمخضت عن إنهاك قطر وانـحـسـار قوتها الناعمة، وتراجع الـدور القطري على مستوى اإلقليم، وفقدانها القبول الخارجي بدورها، الفتني إلى أن قطر لم تعد مقبولة كـاعـب ووســيــط كما كـانـت قبل املقاطعة. وأشــــــــــــــــاروا إلــــــــى أن املقاطعة العربية لقطر تسببت في تكبدها خسائر مالية واقتصادية كبيرة، إذ تشير تـقـاريـر دولــيــة عــدة إلــى اضطرار قــطــر لــتــســيــيــل جـــــزء مــــن أصولها االستثمارية األجنبية، والسحب مــن احتياطيها املــالــي لتجاوز أزمــــــــــة الــــســــيــــولــــة فــــــي البنوك القطرية، وأضــافــوا أن املقاطعة جعلت قطر طــاردة لاستثمارات األجــنــبــيــة املــبــاشــرة وانــخــفــضــت ثقة املستثمرين في اقتصادها، كما تأثرت قــطــاعــات اقــتــصــاديــة مختلفة في قـــطـــر بـــاملـــقـــاطـــعـــة، مـــثـــل قطاع السياحة الــذي كــان فـي معظمه يـــعـــتـــمـــد عــــلــــى دول الخليج، وقـــطـــاع الــنــقــل الـــجـــوي، وقطاع اإلنـــشـــاءات الـــذي كــان يعتمد كليًا على جلب مــواد الـبـنـاء واملـــواد األولية من السعودية واإلمارات. وأوضــحــوا أن االقـتـصـاد القطري كـان ينمو بقوة، وكـان من أعلى املــــعــــدالت فـــي مــنــطــقــة الخليج والعالم، إال أن املقاطعة جعلت الــنــمــو االقــتــصــادي يــتــراجــع من %6 عام 2016 إلى %2.5 عام ،2017 بـــالـــرغـــم مـــن ازديــــــــاد أســـعـــار الغاز والنفط في عام 2017 مقارنة بعام .2016 ولـفـت املــشــاركــون إلــى أنــه يجب عــدم إغــفــال الكلفة االجتماعية للمقاطعة على قـطـر، واملتمثلة فـــي شــعــور الــقــطــريــني باالنعزال واالبــتــعــاد عــن بــاقــي دول الخليج، وأشـــــاروا إلـــى أنـــه ال جـــدال فــي أن قطر دولة ثرية؛ فلديها أصول أجنبية ثابتة، واحتياطي مالي كبير، فضا عن وارداتـهـا من الــغــاز والــنــفــط. ويـمـكـن لقطر بــهــذه األدوات أن تتغلب على آثـــار املقاطعة فــي األجـــل القصير، لكن في األجل البعيد ال يمكنها تحمل تكاليف وأعباء املقاطعة. وذكــــــــــــروا أن األزمـــــــة وفي ظل «تنظيم الــــــحــــــمــــــديــــــن» أســـــــــــهـــــــــــمـــــــــــت طـــــــــــــــوال عــــــام فــــي انكشاف اإلعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــام الـــقـــطـــري وفــــقــــده مـــصـــداقـــيـــتـــه، وفضح سياساته القائمة على التضليل والتحريض، كما كشفت األزمــة املنصات اإلعامية التي تدعمها الــدوحــة، موضحني أن قطر طـــورت بعد األزمة
إستراتيجيتها اإلعامية ملهاجمة الـــــدول األربــــــع، وإشـــاحـــة أنظار الـــرأي الــعــام الـعـربـي والعاملي عن األسباب الحقيقية لألزمة. وبـــــني املــــشــــاركــــون أن خــــروج أفـــراد مــن الـعـائـلـة الـحـاكـمـة في قطر ضـد سياسات النظام القائم أسهم في مضاعفة الكلفة السياسية للمقاطعة على قطر، وأضـافـوا أن قـطـر أخـفـقـت طـــوال عـمـر األزمة فـــــي إنـــــهـــــاء املـــقـــاطـــعـــة أو في تدويل األزمة أو فك عزلتها. وخلص املـشـاركـون فـي الوقت نـــفـــســـه إلــــــى أن دول الرباعي العربي لم تنجح أيضا في استثمار إخفاقات قطر خــال األزمـــة، وتوسيع خسائرها السياسية واملعنوية، مشيرين إلــى أن دول املقاطعة وقـــعـــت فـــي أخـــطـــاء فـــي إدارة األزمــة من خـال التقصير في فتح ملفات قطر أمـام املجتمع الــــدولــــي، والـــتـــأخـــر فـــي نــشــر ما يدين الدوحة من وثائق وأدلة، وعدم كـفـاءة الـتـواصـل مـع الـغـرب إلقناعه بــوجــهــة نــظــر الـــربـــاعـــي العربي املـرتـكـزة على الـحـقـائـق، وعدم فــك االلــتــبــاس لــدى الــغــرب من أن الــدول األربــع تطالب بغلق قـنـاة «الـجـزيـرة» فـي حـني أنها كانت تطالب بتعديل سياساتها التحريرية. وأجمع املشاركون على أنـه بالرغم من أن األثـر املرجو من املقاطعة طويل األمــد، يظل هو الطريق الوحيد لدفع قطر إلـى تغيير موقفها واالســتــجــابــة ملطالب الرباعي العربي. واقـــتـــرحـــوا الــبــحــث فـــي مشروع إقامة كونفدرالية خليجية بـــــــــني الـــــســـــعـــــوديـــــة واإلمــــــــــــــــــــارات
والبحرين، يمكن أن تنضم لها الحقًا الكويت وعمان. وحـــــــــــول الــــســــيــــنــــاريــــوهــــات املــتــوقــعــة لـــألزمـــة مـــع قطر، أفـاد املشاركون بأن هناك خــمــســة سيناريوهات مـــتـــوقـــعـــة هــــــي: األول، استمرار الوضع الراهن ،)Status Que( وهو الـــــــــوضـــــــــع الـــــــــذي يـــخـــلـــق كلفة اقتصادية
وســــــيــــــاســــــيــــــة واجـــتـــمـــاعـــيـــة لقطر، وال تــشــعــر مــعــه دول الرباعي العربي بأنها تــخـســر شــيــئــًا كثيرًا، وهــذا السيناريو هو الـــــــراجـــــــح فــــــي املــــــدى الــقــصــيــر عــلــى األقل. الــــــــــــثــــــــــــانــــــــــــي،
تــــــوســــــيــــــع املـــــقـــــاطـــــعـــــة االقــــــتــــــصــــــاديــــــة؛ من خــــال تحفيز عملية هروب رؤوس األمـــــــــــــــوال مــــــــــــــن قــــــــــــــــطــــــــــــــــر، أو مـــنـــع الشركات مــــن الـــتـــعـــامـــل مــــع قـــطـــر من خــال فــرض عقوبات ثانوية عـلـى الــشــركــات املـخـالـفـة، وهذا الخيار يخلق مزيدًا من الضغط املالي واالقــتــصــادي عـلـى قــطــر. ويـبـقـى هذا الـسـيـنـاريـو مـحـتـمـا. الــثــالــث، تعزيز قـــطـــر تـــحـــالـــفـــهـــا مـــــع إيــــــران وتــــــركــــــيــــــا والـــــــقـــــــوى املـــنـــاهـــضـــة مثل
الحوثيني؛ لزيادة التهديدات ضد دول املقاطعة، وبــــخــــاصــــة الــــســــعــــوديــــة، واإلضــــــــــــرار بأمنها، وبـمـا ينقل األزمـــة إلــى مـسـتـوى جــديــد، وهذا الـــســـيـــنـــاريـــو مــســتــبــعــد فــــي الوقت الحالي ألنه يرتب كلفًا إضافية عــلــى قــطــر، وخـــاصـــة فـــي ظل التطورات األخـيـرة املرتبطة باالتفاق النووي اإليراني. الرابع، التوصل إلى مقايضة بني الـدول األربـع وقطر؛ تقوم على تقليص هذه الدول مطالبها مــــقــــابــــل قــــطــــع قــــطــــر عــــاقــــاتــــهــــا مع «اإلخــوان املسلمني» والفاعلني ما دون الدولة، بـمـا فــي ذلـــك قـطـع الــدعــم املــالــي أو السياسي، ووقــف مـمـارسـات توفير املــاذ اآلمــن للحركة، ووقــــف الـــدعـــم املـــالـــي واملــعــنــوي للمعارضات الخليجية فــي الــخــارج والـتـاعـب فــي النسيج االجـتـمـاعـي الخليجي. وسـتـقـوم الـــدول األربع باملقابل برفع العقوبات، والعودة إلى عاقات ما قبل األزمة تقريبًا، التي لم تكن وفاقية تمامًا بــالــضــرورة، ويـتـطـلـب تـحـقـق هـــذا السيناريو تجدد الوساطة األمريكية، لكن هذه املرة بشكل قوي من أجل دفع الطرفني إلى إنهاء األزمة من خال التوصل إلى هذه املقايضة. الــخــامــس، قــبــول قــطــر بـمـطـالـب الـــــدول األربع عـــقـــب زيــــــــادة الـــعـــقـــوبـــات أو فـــــرض مـــزيـــد من الـــعـــزلـــة؛ ويــتــطــلــب هـــــذا الــســيــنــاريــو استمرار املـوقـف األمريكي املتذبذب فـي األزمــة، مـع قيام وزارة الـدفـاع والخارجية األمريكيتني بتعديل مواقفهما ليتوافق مـع موقف الدول األربـــــــع، وهـــــذا السيناريو يــمــكــن أن يــتــحــقــق في املــــــــدى املــــتــــوســــط أو الــــبــــعــــيــــد، بــــعــــد أن تـــــتـــــوثـــــق قـــــطـــــر من إجــراءاتــهــا ملجابهة املقاطعة والعزلة غير مستدامة. وحـــــــول اآلفــــــــاق املستقبلية لألزمة، أوضح املشاركون أنه ال يظهر في الوقت الراهن أن أيا من األطراف املعنية باألزمة يشعر بــضــغــط كــبــيــر يــدفــعــه إلــــى إنـــهـــاء األزمــــة بسرعة أو في األجــل القريب، بل إن دول املــقــاطــعــة تـشـعـر بـمـكـاسـب عـــزل قطر وكـــف سياساتها املــؤذيــة عــن دول الخليج. وأشـــــاروا إلــى أنــه فــي الوقت الذي تحتفظ فيه الواليات املـــــتـــــحـــــدة بــــمــــا يكفي مـــــن الــــنــــفــــوذ داخـــــل مـجـلـس التعاون الــــــــخــــــــلــــــــيــــــــجــــــــي لـــــلـــــضـــــغـــــط على أي مــــن الجانبني لــلــتــنــازل، إال أنها مـتـرددة فـي القيام بذلك، نظرًا للفوائد اإلســــتــــراتــــيــــجــــيــــة واالقــــــــتــــــــصــــــــاديــــــــة الــــــــواســــــــعــــــــة الــــتــــي تـــجـــنـــيـــهـــا مــــــن كل شـــراكـــة عــلــى حدة، وأضافوا أنه بينما أعـــلـــنـــت الـــــواليـــــات املــتــحــدة أن األزمة
تــشــكــل تــحــديــًا لــســيــاســتــهــا فـــي احــــتــــواء إيــــران ومكافحة اإلرهاب، فإن ترددها في الزج بنفسها بشكل أعمق فـي األزمــة حتى اآلن يشير إلــى أن هــذه الـتـحـديـات ليست ملحة بشكل خاص. وفــــــــــــي ســـــــيـــــــاق ذلــــــــــــــك، رجــــــح املـــــشـــــاركـــــون أن املتغيرات اإلقـلـيـمـيـة األخــيــرة قــد تدفع الواليات املتحدة إلى تجديد جــهــود الـــوســـاطـــة فـــي األشهر القادمة إلنهاء األزمــة، مع إعطاء كــــل طـــــرف مــســاحــة لــتــعــديــل موقفه، ورأوا أنــه عقب انـسـحـاب الــواليــات املـتـحـدة من االتـفـاق الـنـووي مـع إيــران قـد تجد واشنطن أن استمرار األزمــة في الخليج قد يعوق جهودها ملواجهة إيران.
األزمة فضحت اإلعالم القطري القائم على التضليل