Okaz

كيف تحول إلى شمبانزي؟!

-

الــحــزبـ­ـيــة والــتــحـ­ـزب الـــــذي يـفـضـي إلــــى الـــهـــو­ى ومــــن ثم العمى عن الحق والإنـصـاف إذا ما اختلط بمناهج سرية خفية قائمة على الطائفية الدينية أو العنصرية العرقية والإقليمية فإنه يتحول إلى داء خطير تتجسد خطورته في أنـه ما إن يصاب به أحـد من الناس حتى يصبح انفكاكه منه ضـربـاً مـن الـخـيـال وعملية استشفاء معقدة للصحة النفسية والجسدية والعقلية.. وإن أحـدنـا ليستغرب عندما يـرى أحـد الحزبيين مكتمل العقل والمواهب ممن برع في تخصصه علمياً وتمكن فكرياً مـن كـل أدواتــه ومـهـاراتـ­ه العامة والخاصة يجلب الألباب فـي نقاشه وفـي حـضـوره حتى إذا مـرت بـه لوثة الحزبية السياسية الدينية أو نـزل إلـى ساحتها المتسخة تــراه قد تحول إلى مجرد شمبانزي لا يملك من أمره شيئاً سوى أن ينفذ أوامر مدرب السيرك الخفي بحذافيرها! ومـن أســوأ مظاهر الحزبية التي رأيــت الكثير يشتركون فيها كصفة عامة تكاد تميزهم بها عن غيرهم وهي سوء الظن في كل شيء يصدر من عند غيرهم، وخصوصاً إذا ما صدر من الأفراد أو المنظمات أو الحكومات التي يعادونها حتى تصل بهم الحال إلـى اختال ميزان القيم والأخاق في منظارهم. الحزبية السياسية تعني الهوى والانحياز لفكرة في ذاتها وفي مستوى أعلى لفلسفة ولمبادئ وبرامج معلنة تحاول أن تـجـد حــلــولاً لـلـمـعـضـ­ات الاجـتـمـا­عـيـة والاقتصادي­ة والــســيـ­ـاســيــة، وهــــذا فــي عـمـومـه صـحـيـح ويـمـكـن أن يتم النقاش حوله وفيه، ولكنها إذا ما تحولت إلى حزبية دينية سياسية فقدت ميزتها فا هي اكتسبت مهارات السياسة ولا هي تحلت بأخاق الدين هي أقـرب ما تكون إلى فكرة استئصالية تقوم على استعداء المخالف وترهيبه وتشويه سمعته بكل ما يتاح لها من وسائل قذرة أو غيرها.. أما ثاني أسوأ وأخطر مظاهر الحزبية والتحزب أن تتسلل عبر رجالها أو أفكارها وأجندتها بخبث إلـى الحكومات وأجــهــزة الــدولــة دون أن يتنبه لـهـا الــعــارف­ــون والعالمون بـبـواطـن الأمـــور وظــواهــر­هــا، وهـنـا تـسـعـى إلــى استخدام أجهزة النظام دون أن يشعروا أو حتى يقصدوا في أمرين أولاً جلد خصومها بتهمة التخوين أو التفسيق من خال اســتــخــ­دام أعــلــى مــراتــب المـكـارثـ­يـة فــي تـصـفـيـة الخصوم والثانية السعي إلى تفتيت النظام نفسه والانقضاض على الدولة في أي فرصة سانحة! الحزبية القميئة من هـذا النوع الديني والطائفي ليست سـوى مشروع هـدم لـلأوطـان تمت تجربتها وفشلت فشا ذريــعــاً وهـــي تـتـفـتـت عـنـدمـا تـجـد أن لا مــجــال ولا مناخ مناسبا لـظـهـورهـ­ا ولكنها لا تــذوب تـمـامـاً بـل تـعـود مرة أخـرى لتلتحم أجـزاؤهـا عند كل فرصة تراها أو تسمعها في لحن القول، وتاريخ الأحداث في الخمسين عاماً الماضية يروي لنا كيف استطاعت هذه الأفكار أن تتخفى عقوداً ثم تظهر ذات ليلة لتنفث كل أحقاد السنين مرة واحـدة كلما سنحت لها الفرصة أو تغافل عنها الرجال!

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia