أستاذ الفقه املقارن علي جابر.. أّم احلرم واعتذر عن القضاء
ال يستطيع من يستمع إلى تالوته للقرآن الكريم إال أن يطرق وكأن على رأسه الطير، يملك وقار تجويده وقراءته للكتاب رتمًا واحدًا يجعل شعور املنصت لآليات بصوت الشيخ علي جابر يصل إلى أقصى مراحل الخشوع والسكينة والتدبر آليات تخرج من حنجرة كأنها أحد مزامير داوود. وعـلـى رغــم أن إمـامـتـه للحرم املـكـي لـم تـتـجـاوز الـــ9 أعـــوام، والتي بدأها الشيخ علي جابر منذ أن كان يبلغ 27 عامًا، إال أنه استطاع أن يحفر اسمه بتالوته في صفحة أئمة الحرم املكي، وصوتًا ال يزال رجعه يبلغ حدود السماء، بعد أن جاءت إمامته للحرم املكي بطلب من امللك خالد رحمه الله، في العشر األواخر من العام .1401 أســتــاذ الـفـقـه املــقــارن الـــذي اعــتــذر عــن الـعـمـل قـاضـيـًا فــي محكمة مــيــســان، والــرقــابــة عـلـى الــقــضــاة، مـطـلـع الــقــرن الــهــجــري الجاري، مرجعًا ذلك إلى الحديث النبوي «القضاة ثالثة قاضيان في النار وقاض في الجنة»، بدأ مشواره في اإلمامة من مسجد الغمامة في املدينة املنورة العام 4931هـــ، بعد أن سكنها منذ أن كـان في الـ5 من العمر. ويحمل الشيخ الراحل شهادة الدكتوراه في الفقه املقارن عن رسالته «مضمون فقه القاسم بن محمد ابن أبي بكر»، األمر الذي مكنه من العمل محاضرًا في قسم الدراسات اإلسالمية واللغة العربية بكلية التربية فـي املدينة املـنـورة، التي ابعثته فـي الـعـام 1404 لدراسة اللغة اإلنجليزية في كندا، ليسجل خـالل دراسـتـه هناك مصحفه املرتل املذاع حاليًا في إذاعة القرآن الكريم، بعد أن سجل فيديويًا في العام 1403 املصحف كامال للتلفزيون السعودي. ويــذكــر الــعــديــد مــن مــالزمــي عــلــي جــابــر حــرصــه على مــجــالــســة الــشــيــخ عــبــدالــعــزيــز بـــن بـــــاز، إبـــــان رئاسته الجامعة اإلسالمية في املدينة، إذ إن مائدة الشيخ ابن باز لم تكن تخلو غداء أو عشاء، من حضوره. وعــلــى الـــرغـــم مـــن أن عـمـلـيـة جــراحــيــة حرمت الشيخ علي جابر من االستمرار في اإلمامة، وأرغــــمــــتــــه عـــلـــى االنــــقــــطــــاع عـــــن الصالة بالناس، ملالزمته منزله قبل أن يرحل في العام ،1426 عن 52 عاما تاركا وراءه صــوتــا شجيا رتــل الــقــرآن، ومــا زال يصدح حتى اآلن.