أهالي حائل يتوارثون الكرم والشبات منذ
نار
يــــتــــوارث أهـــالـــي حـــائـــل الـــســـخـــاء، مــنــذ حاتم الطائي، وحتى يومنا هــذا، ويحرصون على اقتفاء أثـره في إكــرام الضيف وعابر السبيل، فالرجل الــذي ال زلنا نـتـداول قصص سخائه مــنــذ نــحــو 1500 عـــــام، كــــان لـــه مــوقــد شهير إلشــــعــــال الــــنــــار فــــي أعـــلـــى جــبــل الـــســـمـــرة في حائل، ليهتدي إليه عابر السبيل ليال، وورث هــذه الــعــادة الجميلة ملــن بــعــده، حـتـى وقتنا الحاضر، بل هناك من حرص على أن تشتعل النار بطريقة متواصلة وال تخمد طيلة سنن عدة، منها شبة مبارك العبيكة (رحمه الله) أحد رجــــال الـــكـــرم فـــي بــلــدة جــبــة في صحراء النفود (001شمال غرب حــائــل) الــتــي يــؤكــد كــثــيــرون أنها مـشـتـعـلـة مــنــذ نــحــو 70 عــامــا ولم تخمد تحت أي ظرف. ويــردد أهالي جبة أن العبيكة كان ينام في املحكمة؛ وهي املكان املحاذي للوجار جالسا خوفا من أن يأتيه الضيوف القادمون مـن خــارج جبة فيجدونه نائما فتفوت عليه فرصة ضيافتهم، وللعبيكة كثير من القصائد التي تحث على السخاء وإكرام الضيف. وذكر نواف الغالب مختص في تاريخ جبة، أن الكرم في بلدات حائل مختلف، فهو متوارث منذ القدم، مشيرا إلى أن الناس فيها يتنافسون على إكرام الضيف منذ القدم. وقـــــال الـــغـــالـــب: «كـــانـــت القوافل تـأتـي مـن حـضـرمـوت متجه إلى الـــشـــام إضـــافـــة الــــى تـــجـــار عقيل املنطلقن من القصيم شماال، عبر جبة، فيحرص أهاليها على وضع مـا يسمى بــ(املـشـرع) وهو بركة ماء أمام منازلهم، حتى تتزود القوافل منها». وأفــــاد سـلـمـان املـرعـيـد أن الشبة أنـــــــــــواع، مـــنـــهـــا الـــرســـمـــيـــة ولها طــــــابــــــع خـــــــــاص مـــــثـــــل االلـــــــتـــــــزام بـــــالـــــوقـــــت واملـــــــكـــــــان وإعــــــــــداد الــــقــــهــــوة وتـــســـتـــهـــدف في الـــغـــالـــب الـــضـــيـــوف من خــارج املنطقة بعكس الــشــبــة الــعــاديــة الــتــي تستهدف املـــعـــارف واألقـــــــارب واألصدقاء مـع الحفاظ على األسـاسـيـات في كــال الـنـوعـن مـثـل إعـــداد الـقـهـوة و طريقة تقديمها، مبينا أن الشبة فــي الــســابــق ال تــكــون فــي أوقـــــات الــعــمــل مثل الضحى والعصر بعكس اآلن التي أصبحت في كل وقت. وأكـــد نــاصــر خـمـيـس الـثـويـنـي أن والده ملتزم بالشبة منذ سنوات طويلة خلفًا لوالده عمير -رحمه الله- من بعد صالة الفجر يوميًا، مـبـيـنـا أن والــــده اضــطــر للعودة مــن الــخــبــر قــاطــعــا 1000 كــم متر إلى الجبة لشعوره بالتقصير تجاه شبة والده. وال يزال عبدالله املسلط الذي ناهز عــمــره 100 عــــام، مـحـتـفـظـا بــالــشــبــة مـــن بعد صالة الفجر، ورغم وفاة أكثر أصدقائه ورواد مجلسه، إال أنه ملتزم بها، ألنها في رأيه شرف يــجــب أن يــحــافــظ عـلـيـهـا حــتــى آخـــر يــــوم في حياتي. وتمسك محمد موسى الفاران بالشبة رغم ظروف عمله خارج جبة، وكان بعض ضيوفه يقولون له: ملاذا ال ترتاح يا أبا عمر؟ فيجيبهم بأن والده «يعيي» أي يرفض رغم أن والده متوفى قبل سنوات طويلة وهــــذا دلــيــل عــلــى الــتــزامــه بوصية والده رحمه الله.